عنوان الفتوى : حكم عمل الرجل في مكان مختلط وهل للزوجة والأولاد أن ينتفعوا بماله
زوجي -بفضل الله- أحسبه على خير. ملتحي، ويواظب على الصلوات في المسجد. و منذ تزوجته لم يفته إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام ولا مرة تقريبا إلا في مرات قليلة جدا إذا كان لعذر كسفر أو مرض شديد ونحوه. نحن من مصر، وزوجي كان يعمل فيها مهندس اتصالات، و بطبيعة الحال في بلدنا الوظائف لا تخلو من الاختلاط بين النساء و الرجال!... هل يعتبر زوجي مضطرا لهذا الاختلاط وأنه ضرورة شرعية أم أنه لا يجوز له؟ وما حكم المال المكتسب من هذه الوظيفة هل يجوز لي و لأولادي أن نأكل و نلبس منه؟ ..علما أنه -أي زوجي- لا يحسن وظيفة أخرى كالتجارة ونحوها. منذ أشهر وجد زوجي عملا في السعودية بفضل الله... ولله الحمد لا اختلاط هناك. المشكلة أنه يفكر بالسفر لبلد أخرى لأن ظروف عمله في السعودية لم تكن مستقرة!. فهل يجوز له ذلك حيث إنه الآن لا اختلاط لكن في البلد الأخرى يوجد اختلاط بل قد يسافر إلى بلاد عرف عنها بعض مظاهر الفساد كدبي. فما حكم سفره هذا و عمله هناك و المال المجني منه؟.. وهل يجب علي أن أشجعه -مهما كانت الظروف- على البقاء في السعودية قدر الإمكان لأجل ضمان الرزق الحلال بأمر الله؟... وماذا لو عدنا لبلدنا أو تركنا السعودية لغيرها مضطرين ، أو أن زوجي أجبرني و لم أكن راضية.. هل رزقه حلال علينا أنا و الأبناء؟... أفتوني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: =
فنسأل الله تعالى أن يجزيكما خيرا على الحرص على الاستقامة، ونسأله سبحانه أن يزيدكما هدى وتقى وصلاحا.
وأما عن العمل في المكان الذي يكون فيه اختلاط بين الرجال والنساء فينظر إن كان اختلاطا محرما وهو ما لم يلتزم فيه بآداب وأحكام الإسلام في حال اجتماع الرجال بالنساء فإنه لا يجوز إلا لضرورة، بحيث لا يجد الشخص عملا آخر ينفق منه على نفسه ومن يعول. فإذا لم يجد زوجك عملاً مباحاً، جاز له الاستمرار في نحو هذا العمل مع أخذه للاحتياط من غض البصر ونحو ذلك. وأما إن كان الاختلاط هو مجرد اجتماع الرجال بالنساء تحت سقف واحد مع التزام المختلطين بأحكام الشريعة فلا خلوة ولا تماس ولا تبرج ونحو ذلك فهذا لا يحرم.
وأما المال المكتسب من هذه الوظيفة فإن كان العمل الذي يقوم به زوجك في أصله مباحا فلا حرج في الانتفاع بأجرته، فمجرد وجود الاختلاط لا يقتضي تحريم الأجرة.
وإذا كان يأمن على نفسه الفتنة في هذا البلد الذي يريد السفر إليه، وكان العمل مباحا فلا حرج عليه في الذهاب إلى هنالك، خاصة مع ما ذكر من عدم استقرار عمله في البلد الذي يقيم فيه الآن. وما يكتسب من مال فالحكم فيه على حسب طبيعة العمل الذي يقوم به كما تقدم.
ولا يجب عليك تشجيعه على الإقامة في البلد المذكور، وإن رجوت أن يتغير الحال وتستقر الأمور وأن لا يلحقكم حرج في مدة الانتظار فلا بأس بأن تعرضي عليه الصبر وعدم الانتقال، ولكن إن أصر على ذلك فقد نص الفقهاء على أنه يجب على الزوجة أن تقيم حيث يقيم زوجها إن لم يوجد مانع شرعي كما بينا بالفتوى رقم: 72117.
والله أعلم.