عنوان الفتوى : أحوال وأحكام مشاركة المسلم في احتفالات المسلمين والكفار
أكتب لأن هناك بعض المسلمين في مسجد ما حدث منهم أمر غريب : ذلك وأني كنت من الذين حضروا لقاءً خاصّاً مع وزير نصراني الأسبوع الماضي ، وشاء الله أن أكون هناك ، ففي هذا اللقاء قام شيخ وثلاث من الأخوات بمحاولة الترتيب لحفل ديني وذلك عن طريق حمل الشموع مع معتنقي ديانات أخرى ، ثم قاموا بالطواف حول البحيرة التي كان يقام عندها الحفل . لذا أرجو توضيح كيف أبين لهم أن هذا الأمر بدعة ؟ وكيف أثبت لهم أن هذا الأمر ليس صحيحاً بالقرآن والسنّة ؟ . و جزاكم الله خيراً .
الحمد لله
الاحتفالات لها صور متنوعة ، ويختلف الحكم عيها تبعاً لذلك ، سواء كانت تلك الاحتفالات مقامة من مسلمين أم من كفار ، وينتظم الكلام عليها في النقاط الآتية :
1. لا يحل لمسلم المشاركة في الاحتفالات الدينية للكفار ، ولا يحل تهنئتهم بها مطلقاً ، وهذا أشد حالات الاحتفالات إثماً ؛ إذ قد يؤدي بفاعله إلى الكفر .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به : فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم ، وصومهم ، فيقول : " عيد مبارك عليك " ، أو " تهنأ بهذا العيد " ، ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر : فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر ، وقتل النفس ، وارتكاب الفرج الحرام ، ونحوه .
" أحكام أهل الذمة " ( 3 / 211 ) .
وقال الذهبي – رحمه الله - :
فإذا كان للنصارى عيدٌ ولليهود عيد : كانوا مختصين به ، فلا يشركهم فيه مسلم ، كما لا يُشاركهم في شرعتهم ، ولا في قبلتهم .
" تشبيه الخسيس بأهل الخميس " ، منشور في " مجلة الحكمة " عدد 4 ، ص 193 .
( 947 ) و ( 11427 ) و ( 4528 ) و ( 1130 ) و ( 115148 ) .
2. اختلف العلماء في حكم حضور احتفالات الكفار في مناسباتهم الشخصية ، كزواج ، أو شفاء من مرض ، أو رجوع من سفر ، وأرجح الأقوال القول بالجواز بشرط وجود مصلحة شرعية ، كتأليف قلوبهم للإسلام ، أو دعوتهم إلى الدين .
وتفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 127500 ) .
3. في المناسبات والاحتفالات الخاصة بالكفار لا يحل للمسلم التشبه بالكفار في لباس ، أو تناول طعام معيَّن ، أو هيئة خاصة ، ومنه : إيقاد الشموع والطواف بها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيءٍ مما يختص بأعيادهم ، لا من طعام ، ولا لباس ، ولا اغتسال ، ولا إيقاد نيران ، ولا تبطيل عادة ، من معيشة ، أو عبادة ، أو غير ذلك .
ولا يحل فعل وليمة ، ولا الإهداء ، ولا البيع بما يستعان به على ذلك ، لأجل ذلك .
ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ، ولا إظهار زينة .
وبالجملة : ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم ، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم .
" مجموع الفتاوى " ( 25 / 329 ) .
4. لا يجوز للمسلم حضور احتفال لكفار ولا لمسلمين ، فيه ترويج لدينٍ أو مذهبٍ باطل ، أو ثناء على فكر أو عقيدة منحرفة .
وانظر جوابي السؤالين ( 3325 ) و ( 10213 ) .
5. لا يجوز للمسلم حضور احتفال لكفار ولا لمسلمين إذا كان على صفة العيد المتكرر ، كل يوم ، أو كل شهر ، أو نحو ذلك ، كعيد الميلاد ، وعيد الأم .
وانظر أجوبة الأسئلة : ( 5219 ) و ( 1027 ) و ( 26804 ) و ( 59905 ) .
6. لا يجوز للمسلم حضور احتفال لكفار ولا لمسلمين يكون احتفالاً محرَّماً من حيث مناسبته ، كعيد الحب ، وعيد ميلاد فاجر أو طاغية ، أو مناسبة إنشاء حزب كافر أو فاجر .
وانظر جواب السؤال رقم ( 135119 ) .
7. لا يجوز للمسلم حضور احتفال لكفار ولا لمسلمين يكون فيه اختلاط مع النساء ، أو فيه موسيقى ، أو يُتناول فيه طعام محرَّم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 6992 ) ورقم ( 97014 ) .
إذا علمتَ ما سبق بيانه : تبين لك حرمة ذلك الاجتماع وما حصل فيه من احتفال بسبب ، وجود الاختلاط ، والتشبه بالكفار في إيقاد الشموع والطواف بها ، مع ما فيه من تعظيم ذلك الدين الباطل ، والترويج له ، وليس ذلك بالسكوت عنه فحسب ، بل بتبجيله وإقرار شعائره في ذلك الاحتفال المحرَّم .
والله أعلم