عنوان الفتوى : اختيار الرجال للنساء الجميلات عند التعدد وترك المطلقات والأرامل !!
كثيرا ما قرأت عن حكم الله في تعدد الزوجات وأنه حل جيد لمشاكل آلاف الأرامل أمهات الأيتام ، والعوانس والنساء صاحبات الظروف القاهرة كالمعاقات والمريضات مرضا مزمنا والعقيمات ... لكن للأسف ومما أراه من الرجال القادرين على التعدد أن أغلبهم لا يلتفت لهذه النوعية من النساء بل العكس فهم يختارون الأصغر دائما والأجمل وتظل المشاكل الاجتماعية لهذه الطبقة من النساء كما هي!!! يا ريت لو تتقدمون بالنصح للرجال الراغبين في التعدد والقادرين عليه أن يتأسوا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة الكرام في الزواج لأجل التضامن والتكافل الاجتماعي وليس استجابة للشهوات والأنانية فقط . وأيضا عندي سؤال : نعلم أن من شروط التعدد الاستطاعة البدنية والمالية والقدرة على العدل . ماذا تقولون للبعض هداهم الله الذي بالكاد يقدر على توفير مستلزمات الأولاد والزوجة الأولى ويصر على الزواج من جديد ويقول إن الأرزاق بيد الله وأحيانا يرغم الضرات على العيش مع بعض؟
الحمد لله :
أولاً : لا شك أن " تعدد الزوجات " من محاسن الشريعة الإسلامية ومفاخرها ، لما فيه من فوائد كثيرة ، وحكم جليلة ، ومصالح عظيمة راعت واقع المجتمع ، وعالجت مشكلاته .
ولا ريب أن من الحِكَم التي يحققها " تعدد الزوجات" : تقليص عدد المطلقات والأرامل والعوانس في المجتمع .
ولكن ذلك لا يعني قصر حُكم التعدد على المطلقات والأرامل ، بل التعدد مباح مطلقاً ، سواء كانت الزوجة الثانية بكراً أم ثيباً ، صغيرة أم كبيرة .
وقصر التعدد على هذا الصنف من النساء فيه قصور كبير ، فالأسباب الداعية للتعدد كثيرة جداً ، بل لكل حالة سببها الخاص بها ، فضلا عن كون التعدد تلبيةً لواقع الفطرة والحياة .
وليس على الرجل الراغب في التعدد من حرجٍ إذا اختار المرأة البكر الجميلة إذا كانت ذات خلق ودين .
والنصوص التي تحث على اختيار البكر من النساء تشمل الزوجة الأولى وغيرها .
وقوله تعالى : (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) النساء/3 ، يدل على أن الإنسان يختار ما تطيب له نفسه من النساء ، وقد تطيبُ لرجلٍ البكرُ أو الجميلة ، ولآخر الثيب المطلقة أو الأرملة .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي : " فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء أي : ينبغي أن تختاروا منهن الطيبات في أنفسهن اللاتي تطيب لكم الحياة بالاتصال بهن ، الجامعات للدين والحسب والعقل والآداب الحسنة وغير ذلك من الأوصاف الداعية لنكاحهن ". انتهى من "تيسير اللطيف المنان"(1 / 232).
وقال الشيخ جمال الدين القاسمي : " أي : من طبن لنفوسكم من جهة الجمال والحسن ، أو العقل ، أو الصلاح منهن ". انتهى من " محاسن التأويل" .
ولو فشى التعدد في المجتمع كما كان فاشياً في القرون الأولى لما سمعنا عن مشاكل الأرامل والمطلقات والعوانس ؛ أو لقلت هذه المشاكل ، لأن فشو التعدد سيقلل من عدد الأبكار وقد لا يجد الرجل أمامه إلا مطلقة أو أرملة .
وللوقوف على بعض حِكَم التعدد ينظر جواب السؤال (14022) .
ومع جواز ـ بل استحباب ـ اختيار الرجل للمرأة الجميلة البكر ، فإن له العدول عن ذلك لمصلحة ما ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أكثر زوجاته كن كبيرات في السن وثيبات ، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتزوج من أجل قضاء الوطر ، وإنما كان يتزوج من أجل حكم عظيمة ، سبق بيانها في جواب السؤال رقم (118102) .
فينبغي الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وفي الوقت ذاته لا يُنكر على الرجل إن هو اختار الصغيرة أو الجميلة .
ثانياً : إباحة التعدد مقيدة بشرطين :
1- القدرة على العدل .
2- القدرة على الإنفاق .
ولذلك قال سبحانه وتعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ) . رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
وإذا كان هذا في الزوجة الواحدة ، فهو في حال التعدد آكد .
فمن كان غير قادر على العدل أو النفقة ، فليقتصر على زوجة واحدة .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: " فإنما يباح له ذلك إذا أمن على نفسه الجور والظلم ، ووثق بالقيام بحقوقهن .
فإن خاف شيئا من هذا فليقتصر على واحدة". انتهى " تيسير الكريم الرحمن" (1 / 163) .
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (26069) .
ثالثاً : من حق الزوجة على زوجها أن يؤمن لها بيتاً مستقلاً ، وليس له أن يسكنها مع زوجة أخرى في بيت واحد إلا برضاهما .
قال ابن قدامة : " وليس للرجل أن يجمع بين امرأتيه في مسكن واحد بغير رضاهما صغيراً كان أو كبيراً ؛ لأن عليهما ضرراً ، لما بينهما من العداوة والغيرة ، واجتماعهما يثير المخاصمة ... فإن رضيتا بذلك جاز لأن الحق لهما ، فلهما المسامحة بتركه " انتهى من المغني "( 8/137 ) .
وينظر جواب السؤال (7653).
والله أعلم .