عنوان الفتوى : دفع زكاته إلى من يظنه فقيرًا فتبين أنه غني

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أعطيت مال الزكاة لأرملة لديها أيتام، ليس لديها مدخول قار، أحيانا تشتغل بالبيوت، وأحيانا تبيع الفطائر، تقيم مع عائلة زوجها، وبعد مدة أخبرتني جارتها بأن لديها أبقارا، وترغب في شراء بيت. سؤالي: هل يجوز إعطاؤها من الزكاة، وماذا بشأن الزكاة التي أعطيتها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فدفع الزكاة لهذه المرأة جائز إن كان حد الفقر يصدق عليها، فإن كانت لا تجد ما يكفيها لحاجاتها الأساسية لها ولمن تنفق عليه، وليس لها ولعيالها من يستغنون بنفقتهم الواجبة عليه فدفع الزكاة إليها والحال هذه جائز. وانظر لبيان حد الفقير الذي يعطى من الزكاة الفتوى رقم: 128146.

وكونها تملك أبقارا ليس مانعا من أخذها من الزكاة إذا لم يكن ما تملكه كافيا لسد حاجاتها الأصلية، وكذا مجرد رغبتها في شراء البيت لا تمنع أخذها من الزكاة لأن مجرد رغبتها في ذلك ليست دليلا على ملكها ما يفضل عن كفايتها وكفاية من تنفق عليه، ولأن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، ولبيان حكم شراء بيت للفقير من مال الزكاة تراجع الفتوى رقم: 129347.

فإذا علمت أو غلب على ظنك أن هذه المرأة غير مستحقة للزكاة وأنها تجد ما يكفيها لحاجاتها الأصلية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء لم يجز لك دفع الزكاة إليها مستقبلا، لأنها والحال هذه ليست من أهل الزكاة، وأما ما دفعته إليها قبل فإذا علمت أنها حال الدفع إليها كانت غنية بمال تملكه أو بنفقة من يجب عليه النفقة عليها وعلى عيالها فهل تجزئك تلك الزكاة أو لا؟ في ذلك خلاف لأهل العلم، فإنهم اختلفوا في من دفع الزكاة إلى من ظنه فقيرا فبان غنيا.

جاء في الروض مع حاشيته: إذا دفعها لغني ظنه فقيرا فتجزئه، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحد القولين عن الشافعي، واختاره أكثر الأصحاب، وجزم به في الوجيز، للمشقة، ولخفاء ذلك عادة. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين الجلدين، وقال: إن شئتما أعطيتكما منها، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي وغيرهم، من حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار أن رجلين أخبراه أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر، ورآهما جلدين... الحديث، وللنسائي، في الذي وضعها في يد غني قال: قد تقبلت. وتقدم حديث الذي أخذ ولده صدقته، فقال صلى الله عليه وسلم: لك ما نويت، وله ما أخذ.

قال ابن رجب وغيره: ولهذا لو دفع صدقته إلى من يظنه فقيرًا، وكان غنيًا في نفس الأمر، أجزأته على الصحيح، لأنه إنما دفع إلى من يعتقد استحقاقه، والفقر أمر خفي، لا يكاد يطلع على حقيقته، وعنه: لا تجزئه، اختاره الآجري، والمجد وغيرهما، وفاقًا لمالك والشافعي، كما لو بان عبده ونحوه. وكحق الآدمي، ولبقاء ملكه، لتحريم الأخذ، ويرجع على الغني، بها أو بقيمتها ذكره القاضي وغيره رواية واحدة، لأن الله حصرها في الفقراء، وللترمذي وأبي داود، عن عمر مرفوعًا: لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي، وفي رواية له: ولا لذي مرة قوي. وللنسائي عن أبي هريرة قال: لا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب. وتقدم: لا تحل لغني إلا لخمسة عامل، أو غاز، أو غارم، أو مشتريها بماله، أو مهداة إليه. قال الباجي: فإن دفعها لغني غير هؤلاء، عالمًا بغناه، لم تجزئه بلا خلاف. انتهى.

فإن تبين لك كون هذه المرأة غنية، فالأحوط أن تعيد إخراج الزكاة، ولك أن ترجع عليها بما أعطيتها فتسترده منها إن كنت بينت لها حال الدفع أن هذا المال مال الزكاة.

والله أعلم.