عنوان الفتوى : السائل الذي ينزل من المرضع يشبه الماء هل ينشر الحرمة
تزوجت بنت خالي ـ آخر أبناء جدتي ـ وبعد الزواج بشهرين أخبرتني زوجتي أن جدتها تقول إنها كانت ترضعها عدة مرات في حال خروج أمها من البيت، وعندما سألوها، هل كان فيها حليب أم لا؟ أجابت بأنه كان ينزل من صدرها سائل يشبه الماء، وأنا الآن أعيش في جحيم ولا أدري كيف أتصرف؟. أفتونا، جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الموضوع يتضمن ثلاثة أمور هي: ما إذا كان السائل المذكور تحصل به المحرمية؟ وما إذا كان قول الجدة وحدها يكفي في ثبوت ذلك؟ وما إذا كانت نسبة القول إلى الجدة يكفي فيه إخبار زوجتك أم لا؟.
فعن الأمر الأول: فإن كان السائل الذي رضعته زوجتك من جدتك ليس من قبيل اللبن ولا تحصل به تغذية: فإنه لا ينشر الحرمة ولا يحصل به تحريم، أما إن ثبت بخبر العدول من أهل الخبرة أنه لبن تحصل به التغذية، لكنه متغير عن صفة اللبن، فإنه ينشر الحرمة ويثبت به الرضاع، ففي حاشية الرملي على أسنى المطالب: ولو امتص ماء، ففي الإيضاح إن قال عدلان من أهل الطب هو لبن رق وتغير لونه ثبت التحريم، وإلا فلا.
انتهى.
ولا يحصل التحريم إلا بخمس رضعات مشبعات ـ على القول الراجح عندنا ـ كما سبق في الفتوى
رقم: 52835.
وفيما إذا كانت شهادة جدتك وحدها يثبت بها الرضاع أم لا؟ فالجواب: أنه لا يثبت بها عند جماهير أهل العلم خلافاً للحنابلة فيثبت بها الرضاع عندهم إن كانت مرضية، قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع، إذا كانت مرضية.
انتهى.
وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 28816، رجحان مذهب الحنابلة.
وعن الأمر الثالث: فإنه لا يكفي إخبار زوجتك بما نسبته إلى الجدة، بل لا بد من ثبوت ذلك، فالحاصل: أن السائل لا ينشر الحرمة إلا إذا قال العدول من أهل الطب إنه لبن، وإخبار الجدة بالإرضاع لا يكفي إلا أن تكون مرضية، وعلى تقدير وجود جميع ذلك، فإن نسبة الخبر إلى الجدة لا بد من ثبوته، ولا يكفي فيه إخبار الزوجة فتبين مما ذكر أنه من المستبعد ثبوت المحرمية بينك وبين زوجتك، ولو افترضنا أن جميع ما اشترط لثبوت المحرمية قد تحقق، فإنه يترتب عليها فسخ النكاح.
والله أعلم.