عنوان الفتوى : حكم أداء سنة العشاء بين التراويح أو عقبها
دخلت في أحد أيام رمضان المسجد ووجدت الإمام يصلى القيام، فنويت وراءه صلاة العشاء، ولما فرغ من الركعتين قمت وأكملت العشاء، وبعد انتهائي من العشاء قمت ولحقت الإمام في ركعتين من القيام، ولما جلس للراحة وقمت وصليت الركعتين التي فاتتني من القيام، ثم صليت سنة العشاء. فهل هذا الترتيب صحيح أن أصلي أربع ركعات من القيام، ثم أصلي سنة العشاء؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعلته من صلاتك العشاء خلف إمام يصلي التراويح جائز عند الشافعية وموافقيهم ممن أجازوا اقتداء المفترض بالمتنفل، وهذا ما يرجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، فقد قال ما عبارته: الصحيح في هذا أنه إذا دخل الإنسان سواء كان وحده أو معه جماعة والناس يصلون صلاة التراويح أنهم يدخلون مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام أتوا بما بقي من صلاة العشاء كلٌ يأتي بها على انفراده بدون جماعة، هذا هو الصحيح. انتهى.
وأما سنة العشاء فالأولى أن تصلى عقب العشاء وقبل التراويح، ولكن من فعلها بعد التراويح وكذا في أثنائها أجزأه ذلك كما نص على ذلك الفقهاء، وعليه فقد كان الأولى لك أن تبادر بفعل راتبة العشاء إما منفردا وإما مؤتما بالإمام الذي يصلي التراويح، ولا يضر تخالف نيتيكما على ما مر بل أولى، ثم تصلي بعد ذلك التراويح، ولكن ما فعلته صحيح مجزئ عنك إن شاء الله.
قال البهوتي رحمه الله في كشاف القناع: ووقتها أي التراويح بعد صلاة العشاء وبعد ( سنتها ) قال المجد في شرحه: لأن سنة العشاء يكره تأخيرها عن وقت العشاء المختار فكان إتباعها لها أولى... وإن صلى التراويح بعد العشاء وقبل سنتها صح جزما؛ ولكن الأفضل فعلها بعد السنة على المنصوص. انتهى باختصار.
وهنا أمر آخر ننبه عليه، وهو أن فقهاء الحنابلة نصوا على كراهة التنفل في أثناء الترويحة لما فيه من الإشعار بالرغبة عن الإمام، فقد كان الأولى بك إذ آثرت فعل التراويح مع الإمام أن تؤخر السنة إلى ما بعد التراويح لهذا المعنى الذي ذكرناه، جاء في الروض مع حاشيته: ويكره التنفل بينها أي بين التراويح نص عليه -يعني الإمام أحمد رحمه الله- وقال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه. روى الأثرم عن أبي الدرداء أنه أبصر قوما يصلون بين التراويح فقال: ما هذه الصلاة؟ أتصلي وإمامك بين يديك، ليس منا من رغب عنا، ونحوه عن عبادة وعقبة بن عامر، وذكر لأحمد رخصة فيه عن بعض الصحابة، فقال: هذا باطل، لأنه رغبة عن إمامه، وهذا ما لم يطل الفصل، كأن يخرج الإمام من المسجد، وكأن يؤخروا بعضها إلى آخر الليل، فلا كراهة إذاً. انتهى.
والله أعلم.