عنوان الفتوى : المصلحة لا تكمن في الطلاق غالبا
أنا مصرية متزوجة منذ 6 سنوات، ولدي بنتان عمرهما سنتان. منذ سنة سافرت إلى أمريكا لعمل زوجي بها. أريد التحدث بموضوعية وأسرد حقائق حتى تفيدوني بالفتوى عن علم بحال زوجي بإنصاف. هو في الأصل شخص طيب ولديه مبادئ أعني ليس شريرا. ولكن منذ أن قدمنا إلى أمريكا وأنا أصدم وأحبط فيه المرة تلو الأخرى، حتى أوشكت على كرهه وأفكر في الطلاق. فهو كان يصرخ في بناتي في أحيان كثيرة جدا عندما كان عمرهن سنة وإلى الآن، مرات يصفعهن على وجوههن، أو يضربهن بشدة بحجة التربية. هو يدقق في التفاصيل ويتدخل في الأمور، وبالتالي حياتنا دائما نكد وغير سعيدة. أنا متدينة بفضل الله وكان هو كذلك، ولكنه الآن يقطع في الصلاة ويؤخرها، ويغضب، ويتلفظ بألفاظ لم أعتد عليها في بيتي. غير مسؤول عنا بشكل جيد أي لا يتحمل المسؤولية جيدا. لا يتعاون معي في المنزل، معتاد على العنف في بيته، ولذلك يتصرف يعنف معي ومع البنات، فبجانب الغضب فهو أحيانا يقوم بعضي أو قرصي أو ضربي ضربا غير مبرح، ولكنه يترك أثرا على المكان الذي ضربني عليه. لا يهتم اهتماما كبيرا بالنظافة الشخصية. ودائما أمام اللاب توب يلعب ولا يقضي وقتا كبيرا مع البنات. بيئته مختلفة بعض الشيء عن بيئتي، وبالأخص منزله. كل هذا سبب لي إحباطا شديدا، ولا أدري إذا كان الله غاضبا علي حتى أتعس مع هذا الزوج الذي لم أكن أتمناه أبدا. فقد كنت أتمنى أبا يكون قدوة لبناتي، حنونا متدينا ذا مبادئ وأخلاق دمثة، راقيا وإيجابيا ومسئولا. كل هذه الصفات ليست موجودة فيه إلى جانب العصبية والعنف وسوء الأدب في أحيان أخرى. لا أدري هل انفصل عنه لبلد آخر عند أهلي، ونبقى متزوجين حتى أربي بناتي في جو هادئ التربية التي كنت أحلم بها لهما. أم أطلب الطلاق وأعيش وحدي لتربيتهن؟ أنا لست مستفيدة من بقائي معه شيئا غير التعاسة والحزن والندم أرجو أن تفيدوني؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزوج مطالب شرعا بأن يحسن عشرة زوجته، فقد أمره الله تعالى بذلك في كتابه فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بزوجاتهم خيرا فقال:" استوصوا بالنساء" رواه مسلم.
فإيذاء الرجل لزوجته وإساءته الخلق معها ونحو ذلك يتنافى مع ما جاءت به هذه النصوص. وإن كان يقوم بصفع بناته في الوجه وضربهن بشدة فهو مسيء من هذه الجهة أيضا، وتأديب الأولاد له ضوابط لا بد من مراعاتها، وقد بينا بعضها بالفتوى رقم: 53765.
وعلى كل فالذي نوصيك به هو الصبر عليه والدعاء له بالهداية والصلاح، ومناصحته بأسلوب طيب، وخاصة فيما يتعلق بأمر التفريط في الصلاة، وعليك بالحرص على التزين وحسن التبعل له وتذكيره بحاجة بنتيه إلى اهتمامه بهن، وأهمية ذلك في حسن نشأتهن.
والمرأة إذا كانت متضررة من البقاء مع زوجها يحق لها أن تطلب منه الطلاق أو الخلع، ولكننا ننصح المرأة بالتريث في ذلك، فليست المصلحة في الطلاق دائما، بل قد تكون فيه المفسدة في الغالب.
وأما البعد عنه والرجوع إلى بلدك فلا يجوز إلا بإذن منه، فإن المرأة يجب عليها أن تقيم حيث يقيم زوجها ما لم يمنعها من ذلك مانع شرعي. وراجعي في هذا الفتوى رقم: 123259، كما أنه قد يكون الضرر عليها وعلى أولادها أعظم ببعدها عنه. نسأل الله تعالى أن يصلح لك زوجك وأن يرده إلى جادة الصواب وما ذلك على الله بعزيز.
والله أعلم.