عنوان الفتوى : الأدلة الواقعية والنقلية على وجوب قتل المرتد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 2- ما هي نظرة الإسلام إلى الإعدام ؟ وهل يمكن اعتبار قتل المرتد إعداماً ؟ وما هي الأدلة من الكتاب والسنة التي تجيز قتل ومقاتلة المرتدين ؟جزاكم الله كل خير

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالإسلام قد شرع عقوبة القتل علاجاً لبعض الجرائم التي يستحق فاعلها تلك العقوبة لتطهير من يستحق التطهير شرعا، وزجراً لغيره عن ارتكابها في المستقبل ومن ذلك جريمة الردة، وهي أن يرجع المكلف المعتنق لدين الإسلام عن إسلامه، أو يكفر بشيء معلوم منه ضرورة. وهذه العقوبة لا تعارض حرية الاعتقاد التي كفلها الإسلام للناس، لأن البشر جميعاً يبحثون عن نظام حكم يخضعون له يحقق لهم مصالحهم، ويحفظ لهم حقوقهم، ويصون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، ولن يجدوا ذلك في غير النظام الإسلامي، لأن الإسلام دين الله الذي نزله رحمة للناس جميعاً (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)[الأنبياء:107] وعليه، فالبشر جميعاً مطلوب منهم الخضوع لسلطان الإسلام، مع كونه لا يلزمهم باعتناقه قسراً انطلاقاً من قوله تعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)[البقرة:256] فمن أراد من أهل الكفر أن يبقى على دينه فهو وذاك، ولا يتعرض له المسلمون بأذى ما دام لم يخل بعقد ذمته مع المسلمين، لكن هذه الحرية التي أعطيت له في البقاء على دينه لا تساوي بينه وبين المسلمين لا في الدنيا ولا في الآخرة، فليس المسلم كالكافر، قال تعالى: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون)[الجاثية:21] فمن القسط والعدل أن النظام الإسلامي يعطي كل فرد من رعايا الدولة المسلمة ما يستحقه من حقوق، فالمسلم الذي يدين بهذا النظام ويواليه وينصره، لا ينبغي أن يستوي في الأحكام الدنيوية والأخروية مع غيره.
وهذا معروف في عرف جميع الدول قديماً وحديثاً أنها لا تسوي في أحكامها بين من يحمل جنسيتها وبين من يقيم فيها دون أن يحمل الجنسية. أما من اعتنق الإسلام ثم كفر به فقد ارتكب جريمة عظمى يستحق بموجبها القتل إن لم يرجع عن جريمته. لأنه ترك الدين الذي أوجبه على نفسه بعقده وفارق جماعة المسلمين، وهذا عبث في دين الله وإفساد للمجتمع المسلم، وأصبح المرتد عضواً فاسداً في جسم المجتمع المسلم يجب بتره حتى لا يسري فساده إلى بقية أعضاء المجتمع. ولكن لا يبتر إلا بعد اليأس من علاجه، فالمرتد يستتاب قبل قتله ويطلب منه الرجوع إلى الإسلام قبل إعدامه، فإن أصر على كفره ورفض الالتزام بما عقده على نفسه سابقاً من التزام الإسلام قتل حداً، ويكون بذلك هو الذي جنى على نفسه بإصراره على الردة.
والأنظمة الوضعية التي تستهجن هذه العقوبة معظمها يعد الخروج عن النظام وخرق الدستور في دولها جريمة عظمى قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، أو السجن المؤبد، فكيف تكون خيانة الدين والكفر به والتمرد على النظام الإسلامي الذي أقر به الشخص على نفسه ورضي به طائعاً -أقول: كيف يكون أقل جرماً من الخروج على نظم ودساتير وضعها البشر ما أنزل الله بها من سلطان. والأدلة على قتل وقتال المرتد كثيرة:
منها قوله تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)[البقرة:217] وقد استدل بها الشافعي وغيره. ومنها ما رواه الجماعة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" وما رواه أحمد والنسائي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا من ثلاثة: إلا من زنا بعد ما أحصن، أو كفر بعد ما أسلم، أو قتل نفساً فقتل بها" وروى مسلم معناه. ومنها إجماع الصحابة على قتال من ارتد عن الإسلام بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ونقل الإجماع غير واحد، قال ابن قدامة: (وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد) والمرأة المرتدة كالرجل عند عامة الفقهاء، وقال أبو حنيفة: تجبر على الإسلام بالحبس والضرب ولا تقتل، والراجح أنها كالرجل في حكم الردة. ثم بعد هذا كله علينا أن نعلم أن حكم الردة من الأحكام التي لا يجوز للأفراد أن يقوموا بتطبيقها، فلا تطبق إلا بعد أن تقوم البينة على صاحبها، ثم يستتاب ثلاثة أيام، ولا يتم ذلك إلا عند قاض شرعي ذي سلطان وقدرة على التنفيذ.
والله أعلم.