عنوان الفتوى : التطهر من البول باستخدام المناديل ثم مسح العضو بالماء

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أتبول وأنا واقف في الحمامات الإفرنجية، وأستخدم منديلين للاستنجاء، ثم أقوم ببل يدي سبع مرات وأمسح بكل مرة مسحة على رأس الذكر حتى أصل لسبع مسحات. هل يجوز لي ذلك، مع العلم أن هذه الحمامات يكون في بعض المرات صعب الجلوس عليها لعدم نظافتها؟ وجزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالتبول قائماً جائز لا حرج فيه، فقد ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً. وإن كان البول من قعود أفضل لإخبار عائشة رضي الله عنها بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يبول إلا قاعداً. خرجه الترمذي.

وأما الكيفية التي تستنجي بها فإن كنت تقتصر على مسحتين فقط ثم تمسح بعد ذلك بالماء فإن ذلك لا يجزئك، فإن أقل ما يجزئ في الاستنجاء هو ثلاث مسحات، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 136435.. وإذا لم تأت بالمسحة الثالثة فلا بد من أن تزيل النجاسة بالماء، ثم إذا بللت الموضع بيدك فإن ذلك لا يزيل النجاسة لأنها لا تزال إلا بالغسل ولا يجزئ المسح في إزالتها، وحينئذ يتعين الماء لإزالتها ولا يجزئك استعمال منديل ثالث، لأن شرط ذلك ألا يطرأ على المحل شيء سوى النجاسة.

 قال في مغني المحتاج في سياق شروط الحجر المجزئ للاستجمار: (و) أن (لا يطرأ) عليه (أجنبي) نجساً كان أو طاهراً رطباً ولو بلل الحجر كما شمله إطلاق المصنف أما الجاف الطاهر فلا يؤثر. انتهى.

وأما إن كنت تستوفي الثلاث مسحات فإن ذلك يجزئك في الاستجمار ما لم يجاوز الخارج المحل المعتاد، ثم إن قلنا إن أثر الاستجمار طاهر فلا إشكال في مسحك المحل بالماء بعد هذا، وإن قلنا هو نجس يعفى عنه في محله كما هو قول الأكثر فما تفعله خطأ وهو يؤدي إلى تلويث المحل، وتعين الماء في إزالة ذلك الأثر فلا يعفى عنه إذاً، فقد نص كثير من العلماء على أن أثر الاستنجاء إنما يعفى عنه في محله ما لم يلاق رطباً، فملاقاة يدك المبللة بالماء لهذا الأثر تعين الماء في إزالة تلك النجاسة وتجعلها مما لا يعفى عنه.

قال في الإنصاف مبيناً خلاف الحنابلة في أثر الاستجمار هل هو طاهر أو نجس: الصحيح من المذهب أن أثر الاستجمار نجس يعفى عن يسيره، وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المستوعب وغيره وقدمه في الفروع وغيره. قال ابن عبيدان: هذا اختيار أكثر الأصحاب، وعنه طاهر اختاره جماعة منهم ابن حامد وابن رزين. انتهى.

وقال في مغني المحتاج مبيناً محل العفو عن أثر الاستجمار عند الشافعية: (ويعفى عن) أثر (محل استجماره) في حق نفسه قطعاً لجواز الاقتصار على الحجر، ولو عرق محل الأثر وانتشر ولم يجاوز محل الاستنجاء كما قاله في المجموع في موضع، فإن جاوزه وجب غسله قطعاً وما أطلقه في موضع آخر في المجموع وكذا الرافعي محمول على ذلك.. فلو لاقى الأثر رطباً آخر لم يعف عنه لندرة الحاجة إلى ملاقاة ذلك. انتهى.

وظاهر كلام بعض العلماء يدل على أنه لا فرق بين عرق المحل وتبلله بالماء، فيعفى عنه في الصورتين.

 قال في عون المعبود في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: فإنه لا يدري أين باتت يده: أي لا يدري تعيين الموضع الذي باتت فيه أي هل لاقت مكاناً طاهراً منه أو نجساً، أو بثرة أو جرحاً أو أثر الاستنجاء بالأحجار بعد ابتلال موضع الاستنجاء بالماء أو بنحو عرق. انتهى.

 والحاصل أن ما تفعله مما لا ينبغي بحال، بل عليك إذا أردت الأفضل في الاستنجاء أن تجمع بين الحجارة أو ما في معناها وبين الماء، فتستجمر بالمناديل أولاً لتزيل عين النجاسة وأثرها، ثم تصب الماء على موضع النجاسة لتزيل ما بقي من أثر، وإن أردت الاقتصار على أحدهما جاز ذلك والماء أفضل، وإن أردت الاقتصار على المناديل فلا بد من ثلاث مسحات مع الإنقاء، فإن لم تنق بالثلاث المسحات زدت حتى تنقي، وإن أنقيت بما دونها أكملت الثلاث.

والله أعلم.