عنوان الفتوى : كيف يفعل المأمومون إذا انقطع صوت الإمام أثناء صلاة الجمعة
شاهدت في فتاوى لكم (4925) ولغيركم عن مسألة، إذا انقطع صوت الإمام في صلاة الجمعة كأن تنقطع الكهرباء في أحد طوابق المسجد، وتقدم أحد المأمومين وأتم الصلاة بهم ، فالصلاة صحيحة لكن
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا انقطع صوت الإمام وقد أدرك المأمومون ركعة من الصلاة فإنهم يتمونها جمعة، والدليل على ذلك واضح وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ اَلْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى، وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ والدارقطني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقال الحافظ في البلوغ: وإسناده صحيح.
وأما إذا أدرك المأموم أقل من ركعة ثم انقطع الصوت، فعليه أن يلحق بالإمام ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإن وجدوا من يبلغهم تكبير الإمام لم تجز لهم مفارقته، بل يتابعونه ويبلغهم ذلك المبلغ صوته، فإن عجز المأمومون عن ذلك صلوا ظهرا، ثم هم مخيرون بين أن يتموا الجمعة إذا أدركوا منها ركعة ثم انقطع الصوت فرادى أو يقدموا أحدهم فيصلي بهم، فإن تقدم واحد وصلى بهم ولم يأتم به بعض المأمومين فصلاة الجميع صحيحة وهي جمعة لأنهم جميعا قد أدركوا منها ركعة، وهذا الحكم عام في الجمعة وغيرها فإذا انقطع الصوت في غير الجمعة كان لهم أن يتموا فرادى إذا عجزوا عن الاقتداء بالإمام، وكان لهم أن يقدموا أحدهم فيصلي بهم، وسواء في ذلك الرجال والنساء، فإن المرأة إذا أدركت ركعة من الجمعة فقد أدركت الجمعة شأنها في ذلك شأن الرجل، وليس هذا منافيا لكون الجمعة تصح منها ولا تنعقد بها، ولا مانع من أن تؤم المرأة نظيراتها من النساء على الراجح من كلام أهل العلم، وإن أتممن صلاتهن فرادى خروجا من الخلاف فلا بأس، وهاك كلام بعض أهل العلم فيما إذا انقطع الصوت أثناء صلاة الجمعة، سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : صلى جماعة في قبو مسجد ( الطابق الأرضي ) صلاة الجمعة ، وأثناء الصلاة انقطع التيار الكهربائي ، وأصبح المأمومون لا يسمعون الإمام ، فتقدم أحد المأمومين وأكمل بهم الصلاة . فما حكم صلاة هؤلاء علما أنه أكمل بهم الصلاة على أنها جمعة؟ وما الحكم فيما لو لم يتقدم أحد ، هل يكمل كل فرد منهم صلاته وحده ؟ وإذا كان يجوز ذلك هل يكملها على أنها ظهر أو على أنها جمعة ، حيث إنه استمع إلى الخطيب وافتتح الصلاة مع الإمام وصلى معه ركعة ؟
فأجاب : إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل ، فصلاة الجميع صحيحة ؛ لأن من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولو لم يتقدم لهم أحد فصلى كل واحد بنفسه الركعة الأخيرة أجزأه ذلك ، كالمسبوق بركعة يصلي مع الإمام ما أدرك ثم يقضي الركعة الثانية لنفسه ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) " انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة: السؤال الثالث من الفتوى رقم ( 17785 )
س3 : استمعنا إلى الإمام في خطبتي الجمعة وبعدها الصلاة إلى الركعة الأولى من صلاه الجمعة ، وفجأة انقطع مكبر الصوت ، وبحكم أن قاعة النساء بعيدة عن مصلى الرجال لم نسمع باقي الصلاة ، فكيف يكون الحكم هنا ، هل نتم الصلاة وكل واحدة تكون إمامة نفسها ، أم هل نعيد الصلاة ؟
ج3 : إذا انقطع صوت الإمام عن المأمومين بسبب تعطل مكبرات الصوت وقد صلى المأموم ركعة من صلاة الجمعة مع الإمام فإن المأمومين يتمون الصلاة لأنفسهم كل بمفرده ؛ لتعذر الاقتداء بالإمام في حق من لا يرون الإمام ولا من خلف الإمام ، فإن كان انقطاع صوت الإمام عن المأمومين الذين لا يرون الإمام ولا أحدا من المأمومين الذين خلفه قبل صلاة ركعة مع الإمام فإنهم يستأنفون الصلاة ظهرا إذا كان وقتها قد دخل .
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.
ووجه إلى الشيخ العثيمين رحمه الله هذا [ السؤال ] فضيلة الشيخ! أحسن الله إليك، في يوم الجمعة صلى أناس في خلوة المسجد، فلما صلى بهم الإمام الركعة الأولى انقطعت الكهرباء فلم يسمعوا الإمام، فتقدم أحد المصلين فأكمل الصلاة بهم فما الحكم في ذلك؟
الجواب: هذا صحيح، ما داموا أدركوا ركعة مع الإمام فإنهم يكملونها بركعة، وإذا تقدم بهم أحدهم فلا حرج، وهذا طيب، لكن لو لم يدركوا ركعةً مع الإمام حينئذ نقول: لا بد أن تخرجوا وتصلوا مع الإمام ولو على الأرصفة والطرق، أو تجعلوا إنساناً يسمع تكبير الإمام ويسمعكم -يعني: يبلغ- لأنه في هذا الحال لا يمكن أن يتموها جمعة حيث لم يدركوا ركعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) إذا لم يمكن أن يتموها جمعة فلا بد أن يسعوا إلى الجمعة مع الإمام. انتهى، وقال أيضا رحمه الله:: الصلاة صحيحة، إذا انقطع صوت الإمام وانفرد الإنسان عن الإمام فصلاته صحيحة؛ لأنه معذور، لكن لو فرضنا أن هذا في صلاة الجمعة وانقطع الصوت في الركعة الأولى وانفرد الإنسان عن الإمام فإنه لا يصلي جمعة؛ لأنه لم يدرك منها ركعة، ولو انقطع في الركعة الثانية وانفرد عن الإمام أتمها جمعة؛ لأنه أدرك ركعة كاملة. ولكن لا ينبغي للمأموم -ذكراً كان أو أنثى- إذا انقطع الصوت أن ينوي الانفراد في الحال، بل عليه أن ينتظر؛ لأنه أحياناً ينقطع الصوت ثم يصلحونه، فإذا أيس حينئذٍ ينفرد. انتهى.
والأولى أن يكون المستخلف أمام الجميع ليأتم به من في الصفوف الأمامية، فإن لم يكن المستخلف أمام هذه الصفوف فليتموا فرادى ولا يأتموا بإمام يقوم في صف خلفهم، وإن كان المالكية يصححون الاقتداء إذا كان الإمام قدام المأموم، ويصححه شيخ الإسلام ابن تيمية مع العذر.
وأما إذا نوى المأموم الجمعة ثم لم يدرك مع الإمام الركعة لانقطاع الصوت مثلا فإنه يتمها نفلا على المعتمد عند الحنابلة لأن الأعمال بالنيات، وهو لم يبتدئ بنية الظهر، وفي المذهب قول آخر اختاره أبو إسحق ابن شاقلا وهو أنه يتمها ظهرا، ولعله أرجح إن شاء الله.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فإن لم ينو الظهر بأن دخل مع الإمام بنية الجمعة؛ لأنه يظن أن هذه هي الركعة الأولى، وذلك بأن جاء والإمام قد قال: «سمع الله لمن حمده» في الركعة الثانية، فظن أنها الركعة الأولى، ثم تبين أنها الركعة الأخيرة، فعلى كلام المؤلف يتمها نفلاً؛ لأنه لم ينو الظهر، وعلى هذا يحتاج المسبوق إذا جاء إلى الجمعة وهو لا يدري هل هي الركعة الأولى أو الثانية؟ أن ينتظر فإن جلس الإمام للتشهد دخل معه بنية الظهر، وإن قام دخل معه بنية الجمعة.
القول الثاني: أنه إذا دخل معه بنية الجمعة، فتبين أنه لم يدرك ركعة، فلينوها ظهراً بعد سلام الإمام، وهذا هو الذي لا يسع الناس إلا العمل به، خصوصاً العامة؛ لأن العامي ولو علم أنها الركعة الثانية وقد فاته ركوعها، فإنه سينوي الجمعة، ثم إذا سلم الإمام، فمن العامة من يتمها جمعة أيضاً، ومنهم من يتمها ظهراً، لكن لا ينوي الظهر إلا بعد أن يسلم الإمام، وهذا القول هو الصحيح؛ لأن الظهر فرع عن الجمعة، فإذا انتقل من الجمعة إلى الظهر، فقد انتقل من أصل إلى بدل، وكلاهما فرض الوقت، وفي هذه المسألة قد تنخرم القاعدة التي يقال فيها: (إن الانتقال من معين إلى معين يبطل الأول، ولا ينعقد الثاني به. انتهى.
والله أعلم.