عنوان الفتوى : مسائل حول قسمة العقار بين الشركاء
خمسة أفراد إخوة ثلاثة ذكور واثنتان إناث اشتركوا في دار كبيرة مساحته 640 مترا مربعا، الدار فيه بناء وحديقة وهو دار ركن، الدار حاله كما يلي:1- أما قرار البيع بالشيوع -لكون هناك عدم التراضي بالقسمة- وهناك مشكله البيع بالشيوع التي تقلل من قيمة الدار إلى النصف، وبالتالي لتمكن أحد الشركاء من الشراء وعدم تمكن البقية، نكون قد أضررنا بمن ليس لديه إمكانية الشراء وأحدثنا الفتنه بين الإخوة.2- أو قرار البيع للدار كوحدة واحدة بدون شيوع -ومن ثم تقسيم المال على الشركاء كل حسب حصته- ولكن المشكلة هنا تبقى قائمة والتي هي لم نبع الدار بالطريقة التي تحقق أعلى قيمة للشركاء، حيث إن الدار قابل للفرز إلى ثلاث قطع وببيعها مقسمة تجلب مردودا أكبر للشركاء.3- أو قرار البيع للدار بعد فرزه إلى ثلاث قطع -ومن ثم تقسيم المال بين الشركاء كل حسب حصته- ولكن المشكلة هنا تبقى قائمة والتي هي لم نبع الدار بالطريقة التي تحقق أعلى قيمة للشركاء مع أكبر استفادة ممكنة. 4- لوحظ أن أكبر استفادة ممكنه للشركاء مع عدم الإضرار بحصة أي من الشركاء لا بقيمتها ولا بحق الشريك بالتصرف المطلق بالبيع أو إبقاء جزء الشراكة التابع له للتصرف به متى يشاء وكيفما يشاء يكون بالطريقة التالية: تقطيع الدار إلى خمس قطع حسب حصة كل شريك وبتحديد الحدود للقطع المقطعة بالطابوا نكون قد أفرزنا الحصص قانونا.... ويكون لكل فرد حق التصرف المطلق بحصته بالبيع والشراء أو البناء والتعمير، وبهذه الطريقة يمكن أيضا جعل مجموعتين منفصلتين بالإفراز وبذلك نكون قد حددنا منابع الفتنة بأبعدها، هذه الطريقة تحقق أعلى مردود مالي مقارنة بالطرق أعلاه لجميع الشركاء في حالة أن البيع فرض لعدم التراضي، ومن فوائدها أيضا عدم إجبار أي من الشركاء الساكنين من أن يتركوا مكان سكنهم والبحث عن سكن أو موقع بديل حيث بإمكانه البقاء بحصته وبضمن حدوده القانونية... مع اقتراح أن يحكم بهذا التقطيع حاكم عدل أو أكثر من واحد يختار من أهل الشريعة أو الأشخاص المتفق عليهم.... وبعد التقسيم تجرى القرعة لتطمئن القلوب تماما كما ورد وفق ما جاء بكتاب المبسوط لسيدنا أبي حنيفة النعمان من أنواع القسمة وطرق القسمة.الطريقة الرابعة هي مقترحة من الشريك الذي يقاطع حبا بالله كل من يقف بوجهها كونها الحل الأمثل بإزالة الفتنه وإعطاء الحقوق، وكذلك الوالدة منضمة لهذا الرأي لما تراه من صواب فيه، بقية الشركاء مختلفين بالآراء فمنهم من هو مستفيد بسكنه بالدار وإطالة الخلاف يعني إطالة بقائه واستفادته بحجة قوله أنه يتصرف ضمن حصته، علما أنه لا أحد أقام أي قسمة للمتهياة في الدار التي تقسم الدار وفقا لحصص الشراكة وبالتالي الأنتفاع للجميع بالتساوي... حيث المنتفع الأكبر من الدار في الوقت الحاضر اثنان ويعيقون عملية القسمة وفق الفقرة أربعة أعلاه مما يعتبرها البعض سرقة وبذلك هناك فتنة كبيرة... وهناك آخرون يريدون الانتفاع من بيع الدار بطريقة الفقرة واحد أو اثنين أعلاه لتمكنهم ماديا، ويمكنهم الانتفاع من الضرر الذي سيلحق بإنقاص من قيمة حصص الآخرين مما يولد الفتنة بين الإخوة لاعتبارهم أن هذه الطريقة هي سرقة، ولكن بالقانون.... فأفيدونا بأي الطرق الأربعة أعلاه يجب أن نعمل كون أنه لا محاكم شرعية في بلادنا... وأن طريق القضاء في بلادنا إن ذهبنا إليه يعني الفتنة الأكبر كون يمكن التلاعب بالاتفاقات به... وهذا يعني جر الشركاء للسوء.... فأفيدونا برأيكم أثابكم الله.. راجين عدم ترك أي نقاط مهمة مثل قطيعة ذلك الأخ وجوازها لعدم حصوله على حقوقه ولأسبابه أعلاه وكذلك الوالدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمسائل الخصومات وقضايا المنازعات لا يمكن حلها عن طريق السؤال والجواب عن بعد، بل لا بد من عرضها على المحاكم الشرعية إن وجدت وإلا فمشافهة أولي العلم والرأي بها للنظر فيها وسماع حجج الخصوم وإعطاء كل ذي حق حقه، لكن نقول إجمالاً إنه لا حرج فيما يتفق عليه بين الجميع من أنواع القسمة ولو تنازل البعض للبعض عن حقه أو بعضه فلا حرج عليه، وقد بينا أنواع القسمة في الفتوى رقم: 51921، والفتوى رقم: 66593.
وإذا لم يتم التراضي بين الجميع على بيع ذلك العقار أو قسمته قسمة ترضي الجميع وطالب بعضهم بحقه فيلزم إجابته إليه وقسمة العقار إن لم يكن فيه ضرر، فإن كان في قسمته ضرر لم تجب القسمة لكن يباع العقار ويقسم ثمنه، جاء في الروض المربع: لا تجوز قسمة الأملاك التي لا تنقسم إلا بضرر ولو على بعض الشركاء أو لا تنقسم إلا برد عوض من أحدهما على الآخر إلا برضا الشركاء كلهم، لحديث: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد وغيره، وذلك كالدور الصغار.. والأرض التي لا تتعدل بأجزاء ولا قيمة... ولا يجبر من امتنع منهما من قسمتهما لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر.. انتهى مختصراً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما لا يمكن قسم عينه إذا طلب أحد الشركاء بيعه وقسم ثمنه بيع وقسم ثمنه وهو المذهب المنصوص عن أحمد في رواية الميموني وذكره الأكثرون من الأصحاب... انتهى. وجاء في الروض المربع: .... ومن دعا شريكه فيها إلى بيع، أجبر، فإن أبى باعه الحاكم عليهما، وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما.. والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص القيمة بالقسمة. انتهى.
ويتلخص من ذلك وجوب إجابة من طلب القسمة إن لم يكن فيها ضرر، فإن كان فيها ضرر ورضي الجميع بقسمة ما فلا حرج، وإلا بيع العقار وقسم ثمنه، وإن كان المتبادر من السؤال هو إمكانية قسمة العقار بلا ضرر، ولذا يلزم إجابة من أراد حقه في ذلك العقار.. وننبهك إلى أن بعض العلماء ذكروا أن الصلح هو الذي يتعين أن يفض به نزاع ذوي الأرحام، ولذا قال ابن عاصم وهو مالكي:
والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكم وإن تعين الحق فلا
ما لم يخف بنافذ الأحكام فتنة * أو شحنا أولي الأرحام
والله أعلم.