عنوان الفتوى : موقف الزوج إذا تدخل أهل زوجته في شؤونه الزوجية
أبو زوجتي يتدخل بحياتنا، إذا خرجنا من البيت يريد أن يعرف أين نذهب، ويريد منا قبل السفر أن نتصل به ونعرفه إلى أي محافظة سنسافر، وطلب من زوجتي أن تتركني أو أنا أتركها، وتعرفون أبغض الحلال عند الله الطلاق، وعماتها يتكلمون علينا بكلام والعياذ بالله. فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حسن عشرة الزوج لزوجته أن يحسن إلى أهلها، وأن يعينها على بر والديها وصلة أرحامها، ولا يجوز له أن يمنع زوجته من بر والديها وصلة أرحامها، ولكن في المقابل على أهل الزوجة أن يعلموا أنه بمجرد زواج ابنتهم فقد أصبح لها حياة مستقلة مع زوجها، لا يحق لأحد أن يتدخل فيها لأن زوجها قد صار أولى بها منهم قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وإذا كان من حقهم أن يتفقدوا ابنتهم ويطمئنوا على أحوالها فلا بد أن يكون ذلك في حدود المعروف، وبما يحقق لها مصالح الدين والدنيا، ويعين على دوام الألفة بينها وبين زوجها، أما أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على الزوجة، يرسمون لها حياتها وفق ما يريدون، متجاهلين بذلك حق زوجها في القوامة، وحق الزوجين في حياة مستقلة، فإن ذلك لا يجوز وهو من مساوئ الطباع ومذموم الأخلاق، وهو دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة، فإذا أضيف إلى ذلك تخبيب الزوجة على زوجها وتحريضها على طلب الطلاق منه، فإن ذلك ظلم واضح وفساد ظاهر وإثم مبين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وإذا وصل الحال إلى هذا فإن من حق الزوج أن يحافظ على زوجته من الإفساد بما يراه مناسبا فله منعها من زيارتهم إذا تأكد أن فيها مفسدة، بل له أن يمنعهم من زيارتها إذا اقتضت المصلحة، قال المرداوي في ذلك: الصواب في ذلك إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى.
والذي ننصحك به في هذا المقام هو أن تحفظ زوجتك، وأن تعفو عن أهلها وتصفح عنهم، وتحاول تأليف قلوبهم بالصفح تارة وبالتغافل تارة وبالإحسان تارة أخرى، ولا يجب عليك الاستجابة لهم فيما يريدون من تسلط عليك ووصاية على أسرتك، فإذا استمرت الأمور على ذلك فوسط بينك وبينهم من يملك التأثير عليهم من أهل الخير والعلم ليعلمهم بقبح هذا المسلك وعواقبه الوخيمة، فإن لم ينزجروا فلك أن تهجرهم بالقدر الذي يدفع عنك شرهم وأذاهم، واكتفوا بالسؤال عنهم بالهاتف ونحوه مما لا يكون معه مخالطة، فقد قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
والله أعلم.