عنوان الفتوى : جواب شبهة حول قتل موسى عليه السلام الإسرائيلي
لماذا يعد قتل النبي موسى عليه السلام معصية، فقد قتل الرجل خطأ ولم يقصد؟ وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن موسى عليه السلام لم يقصد قتل الرجل ولكن وكزته التي قصد بها دفعه قضت عليه، فكان ذلك من شبه العمد، فإن حقيقة قتل العمد أن يقصد القتل بما يقتل غالباً، وحقيقة شبه العمد أن يقصد جناية بما لا يقتل غالباً، فالتفريق بينهم يتوقف على أمرين:
1- القصد
2- نوع الآلة المستخدمة في القتل
فقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا.. انتهى. فالوكزة من أصلها لم تكن مشروعة في حقه لأنها كانت حال كف عن القتال.
وقد ذكر القرطبي في التفسير: أن موسى عليه السلام وكز القبطي وهو لا يريد قتله، إنما قصد دفعه فكانت فيه نفسه، فقال هذا من عمل الشيطان أي من إغوائه، قال الحسن: لم يكن يحل قتل الكافر يومئذ في تلك الحال، لأنها كانت حال كف عن القتال (إنه عدو مضل مبين) خبر بعد خبر.
(قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له)، ندم موسى عليه السلام على ذلك الوكز الذي كان فيه ذهاب النفس، فحمله ندمه على الخضوع لربه والاستغفار من ذنبه، قال قتادة: عرف والله المخرج فاستغفر، ثم لم يزل صلى الله عليه وسلم يعدد ذلك على نفسه، مع علمه بأنه قد غفر له، حتى أنه في القيامة يقول: إني قتلت نفساً لم أومر بقتلها وإنما عدده على نفسه ذنباً، وقال: (ظلمت نفسي فاغفر لي). من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر، وأيضاً فإن الأنبياء يشفقون مما لا يشفق منه غيرهم، قال النقاش: لم يقتله عن عمد مريدا للقتل، وإنما وكزه وكزة يريد بها دفع ظلمه، قال وقد قيل: إن هذا كان قبل النبوة وقال كعب: كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة، وكان قتله مع ذلك خطأ، فإن الوكزة واللكزة في الغالب لا تقتل، وروى مسلم عن سالم بن عبد الله أنه قال: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الفتنة تجيء من ها هنا وأومأ بيده نحو المشرق -من حيث يطلع قرنا الشيطان- وأنتم بعضكم يضرب رقاب بعض وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ فقال الله عز وجل: وقتلت نفساً فنجيناك من الغم وفتناك فتونا.
والله أعلم.