عنوان الفتوى : إمامة المعذور والاقتداء بمن يسرع في صلاته
علمت بعدم جواز إمامة صاحب العذر فجعلني هذا لا أقوم بالإمامة، وفي العمل تقام الجماعة الأولى الكبيرة وتفوتني أحيانا، فأصلي في جماعة ثانية من 2 أو 3 مصلين، وغالبا ما يكون زميل لي معي، والمشكلة أنه سريع بعض الشيء، فأصبحت أقرأ الفاتحة بسرعة وبغير تركيز أحيانا عمدا. هل صلاتي صحيحة؟ علما بأني نصحته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإمامة المعذور بالسلس ونحوه مختلف فيها بين أهل العلم، والراجح صحتها كما هو مذهب الشافعية، قال في نهاية المحتاج: والأصح صحة قدوة نحو السليم بالسلس بكسر اللام أي سلس البول ونحوه ممن لا تلزمه إعادة والطاهرة بالمستحاضة غير المتحيرة والمستور بالعاري والمستنجي بالمستجمر والصحيح بمن به جرح سائل أو على ثوبه نجاسة معفو عنها لصحة صلاتهم من غير إعادة. انتهى.
وقد رجحنا القول بصحة إمامة المعذور في الفتوى رقم: 26875، وبه تعلم أنه لا حرج عليك إن شاء الله في أن تكون إماما، وأما إن كنت تقلد من يفتي بالمنع أو ترى العمل بهذا القول احتياطا وخروجا من الخلاف فعليك أن تناصح من يصلي بك في أهمية الخشوع في الصلاة والاطمئنان فيها، وأن تبين له أن الذي ينبغي له عدم الإسراع في الصلاة، بل قد نص الفقهاء على أن الإمام ينبغي أن يترسل في صلاته شيئا ما مراعاة لمصلحة المأمومين فقد يكون بعضهم بطيء القراءة أو نحو ذلك، قال النووي في المجموع: قال الشافعي رحمه الله في الأم: أرى في كل حال للإمام أن يرتل التشهد والتسبيح والقراءة أو يزيد فيها شيئا بقدر ما يرى أن من وراءه ممن يثقل لسانه قد بلغ أو يؤدى ما عليه، وكذلك أرى له في الخفض والرفع أن يتمكن ليدركه الكبير والضعيف والثقيل وان لم يفعل وفعل بأخف الأشياء كرهت ذلك له ولا سجود للسهو عليه هذا نصه واتفق الأصحاب عليه. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: وقد ذكر أهل العلم أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع بعض المأمومين من فعل ما يسن، فكيف بمن أسرع سرعة تمنع بعض المأمومين أو أكثرهم من فعل ما يجب؟!! وهذه لا شك أنها محرمة، وأنها خلاف أداء الأمانة التي أؤتمن الإمام عليها، فإنه لو لم يكن إماماً لقلنا لا حرج أن تصلي صلاة تقتصر فيها على الواجب، ولكن إذا كنت إماماً فإنه يجب عليك أن تراعي المأمومين، وأن تصلي فيهم أفضل صلاة، تمكنهم من مراعاة فعل الواجب والمستحب فيها. انتهى.
ثم اعلم أن الخشوع في الصلاة مطلوب بلا شك، ولكنه مستحب فيها وليس من واجباتها عند الجمهور، قال النووي رحمه الله: يستحب الخشوع في الصلاة والخضوع وتدبر قراءتها وأذكارها وما يتعلق بها والإعراض عن الفكر فيما لا يتعلق بها، فإن فكر في غيرها وأكثر من الفكر لم تبطل صلاته، لكن يكره سواء كان فكره في مباح أو حرام كشرب الخمر، وقد قدمنا حكاية وجه ضعيف في فصل الفعل من هذا الباب أن الفكر في حديث النفس إذا كثر بطلت الصلاة وهو شاذ مردود، وقد نقل الإجماع على أنها لا تبطل وأما الكراهة فمتفق عليها. انتهى كلامه رحمه الله.
وعليه فاقتداؤك بزميلك هذا صحيح، وإن فاتك شيء من الخشوع في الصلاة لما قدمناه لك من أن الخشوع مستحب لا واجب، وعليك أن تجتهد في تحصيل الخشوع ما أمكن وتجتهد في إحضار قلبك وتدبر ما تتلوه وتردده من الأذكار قدر استطاعتك.
والله أعلم.