عنوان الفتوى : العقبات لا تثبط المسلم عن القيام بالدعوة
أنا والحمد لله ابتعدت كثيرا عن سماع الأغاني المحرمة، و لكن أعز صديقة لي لا تزال تسمعها، وأعتقد أنها ستهزأ بي إذا حاولت نصحها، ولكن المشكلة هي أنها تطلب مني أحيانا أن أقوم بتنزيل أغنية من الإنترنت لكي تقوم بتحميلها على الجوال، و لكي أتجنب الذنوب فإني أدعي أني لا أعرف كيف أقوم بتنزيلها فأجدها تطلب هذا الأمر من أخي إذ إنها تزورنا كثيرا فتصاحبت مع أخي، وأثناء تنزيله للأغنية فإنهما يمزحان معا بشكل خاطئ على حسب اعتقادي، فهل من الأفضل أن أقوم أنا بتحميل الأغنية من البداية بما أنها يتم تحميلها في نهاية الأمر وأكون قد تجنبت هذا المزاح الخاطئ؟ أم أنني سأكون مخطئة وأنال ذنوبا لقيامي بتنزيل الأغنية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يثبتك على طريق الهداية ويزيدك قربا منه وبعدا عما يبغضه ويسخطه.
واعلمي أن من عوامل الثبات على صراط الله المستقيم أن تختاري لنفسك صحبة صالحة تذكرك بالخير وتعينك عليه.
ومن وسائل الثبات أيضا: ممارسة الدعوة إلى الله عز وجل بحيث تصبح الدعوة هم المسلم وشغله الشاغل - تقطع الطريق على محاولات الشيطان بالإضلال والفتنة. زد على ذلك ما يحدث في نفس الداعية من الشعور بالتحدي تجاه العوائق، والمعاندين، وأهل الباطل، وهو يسير في مشواره الدعوي؛ فيرتقي إيمانه، وتقوى أركانه، فتكون الدعوة بالإضافة لما فيها من الأجر العظيم وسيلة من وسائل الثبات، والحماية من التراجع والتقهقر، لأن الذي يُهاجم لا يحتاج للدفاع، والله مع الدعاة يثبتهم ويسدد خطاهم والداعية كالطبيب يحارب المرض بخبرته وعلمه، وبمحاربته في الآخرين فهو أبعد من غيره عن الوقوع فيه. انتهى من (وسائل الثبات على دين الله) لمحمد صالح المنجد.
فاستعيني بالله وادعي إلى سبيل ربك وأمري بالمعروف وانهي عن المنكر، ولا يثبطنك عن ذلك ظنك أن من أمامك سيستهزئ بك، وحتى لو حصل هذا فلن يضيع أجرك عند الحق سبحانه وتعالى، وعسى أن ينتفع بكلامك ولو لاحقا.
فعليك بالنصح لصديقتك ولأخيك بالابتعاد عن تلك الأغاني، وإزالة ما عندهما من شبهات حول تحريمه. وانظري للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 54316، 32763، 4588، 110666 وما أحيل عليه فيها.
وإذا كانت زيارة صديقتك لك يترتب عليها الاختلاط المذكور فعليك منعها وعدم دعوتها إلى زيارتك منعا لأسباب الفساد والمنكر، ولأنك بدعوتها لزيارتك تتسببين في حصول المنكر بينهما.
وأما قيامك بتحميل الأغاني فلا يجوز؛ لما فيه من التعاون على أمر محرم، والله تعالى يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}، وما يحدث بينهما من مزاح وانبساط إنما يرجع في الأصل إلى الاختلاط، فهو من ثماره الخبيثة كما تقدم. وإذا قمت بما عليك من النصح والإنكار فلا يضرك بعد ذلك ضلال من ضل.
والله أعلم.