عنوان الفتوى : حكم ذبح المسلم ما يعلم أنه قربان لغير الله تعالى
دفع المجوسي شاته التي لبيت نارهم أو الكافر لآلهتهم إلى المسلم ليذبحها على طريقة الإسلام فذبحها مسلم على طريقة الإسلام خالصة على اسم الله تعالى و نية المسلم خلاف نية المجوسي ، فرضي المجوسي او الكافر على ذبحه . فما حكم الذابح ؟ هل أشرك أو أتي بأي ذنب ؟ و ما حكم الشاة المذبوحة ؟ و أفتي الإمام احمد و سفيان على جوازه و كذا من الحنفية قال صاحب جامع الفتاوى : مسلم ذبح شاة المجوسي لبيت نارهم أو الكافر لإلهتهم تؤكل لأنه سمى الله تعالى . هل يوجد هذا النص في مخطوط جامع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للمسلم أن يتولى ذبح ما علم أنه قربان لغير الله تعالى، لما في ذلك من إقرار المنكر، والتعاون على الإثم والعدوان، ولأن ذلك يدخل في ما أهل به لغير الله تعالى وما ذبح على النصب.
قال الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه:"وما ذبح على النصب"، وحرم عليكم أيضا الذي ذبح على النصب .. والنصب: الأوثان من الحجارة .. كانت تجمع في الموضع من الأرض، فكان المشركون يقربون لها، وليست بأصنام. وأسند عن ابن زيد قال: "ما ذبح على النصب" و"ما أهل لغير الله به"، هو واحد. اهـ.
وقال السعدي: { وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } أي: ذبح لغير الله، كالذي يذبح للأصنام والأوثان من الأحجار والقبور ونحوها. اهـ.
ولذلك لا يجوز الأكل من هذه الذبيحة،ولو كان الذابح مسلما وذكر اسم الله عليها.
قال النووي في (المجموع): إذا ذبح للصنم لم تؤكل ذبيحته سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا. اهـ.
وهي بذلك تعتبر ميتة.
قال الفيومي في (المصباح المنير): المراد بالمَيْتَةِ في عرف الشرع: ما مات حتف أنفه أو قتل على هيئة غير مشروعة إما في الفاعل أو في المفعول، فما ذبح للصنم أو في حال الإحرام أو لم يقطع منه الحلقوم ميتة. اهـ. ونقله عنه البهوتي في (كشاف القناع).
ولا يعتبر المسلم الذي يقوم بهذا الذبح مشركا إلا إن قصد بذبحه تعظيم المذبوح له.
قال النووي في شرح مسلم: إن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا، فإن كان الذابح مسلما قبل ذلك صار بالذبح مرتدا، وذكر الشيخ إبراهيم المروزي من أصحابنا أن ما يذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه أفتى أهل بخارى بتحريمه؛ لأنه مما أهل به لغير الله تعالى. اهـ.
وما نقل في السؤال عن (جامع الفتاوى) فإنا لم نضطلع على مخطوطته، ولكنه ورد في (الفتاوى الهندية) التي جمعها طائفة من علماء الهند برئاسة الشيخ نظام الدين البلخي، ونصه: مسلم ذبح شاة المجوسي لبيت نارهم أو الكافر لآلهتهم تؤكل لأنه سمى الله تعالى. ويكره للمسلم. كذا في التتارخانية ناقلا عن جامع الفتاوى) اهـ.
ولكن الذي نقله ابن نجيم في (البحر الرائق) عن (جامع الفتاوى) خلاف هذا، ونصه: ذبح شاة مجوسي لأجل بيت نارهم, أو ذبح كافر لآلهتهم: لا تؤكل ذبيحتهم. اهـ.
ولا شك أن الصواب ما ذكره ابن نجيم، لأن الحنفية يحرمون الذبيحة التي تذبح تعظيما لغير الله، حتى هذه التي تذبح عند قدوم الأمير ولو ذكر عليها اسم الله.
جاء في (الدر المختار) وحاشيته: (ذبح لقدوم الأمير) ونحوه كواحد من العظماء (يحرم) لأنه أهل به لغير الله (ولو ذكر اسم الله تعالى). اهـ. وكذا جاء في (مجمع الأنهر) لشيخي زاده.
وقال ابن نجيم في (الأشباه والنظائر): ذبح لقدوم الأمير أو لواحد من العظماء، يحرم، ولو ذكر الله تعالى. اهـ.
وقال الحموي في شرحه (غمز عيون البصائر): وفي باب الصيد والذبائح من الجوهرة: الذبح عند مرائي الضيف تعظيما له لا يحل أكله، وكذا عند قدوم الأمير؛ لأنه أهل به لغير الله. اهـ.
والله أعلم.