عنوان الفتوى : معنى صلاة الله على نبيه وبيان آل إبراهيم
ما معنى الصلاة على النبي، وما القصد من الصلوات الإبراهيمية، أليس النبي محمد من آل إبراهيم، وهل صحيح كما فسر أحدهم مستدلاً بالقرآن أن سيدنا عمران وسيدنا محمدا هما من آل ابراهيم ولكنهم في نهايتها لأنه ليس لديهما ولد ذكر، وذريتهما تبدأ بأنثى لذا اختصوا بـ آل خاصة بهم؟ ومن جهة أخرى ماذا يفيد وماذا يعني هذا الاصطفاء وهل من الممكن أن يظهر تصرف سيء فيمن يقال إنه من آل النبي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الصلاة تطلق على الدعاء والترحم والاستغفار، قال صاحب عون المعبود: الصلاة الدعاء والرحمة والاستغفار وحسن الثناء من الله تعالى على رسوله، وهو من العباد طلب إفاضة الرحمة الشاملة لخير الدنيا والآخرة من الله تعالى عليه صلى الله عليه وسلم. اهـ
وذكر ابن حجر في الفتح نقلا عن أبي العالية : أن معنى صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته، ومعنى صلاة الملائكة عليه الدعاء له. وذكر أقوالا أخرى وذكر أن أولاها قول أبي العالية.
وقد تكلم ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام على كون النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من إبراهيم عليه السلام فكيف طلب له من الصلاة ما لإبراهيم مع أن المشبه به أصله أن يكون فوق المشبه. وذكر أقوالا في المسألة وردها ثم ذكر أن أحسن ما قيل في هذا أن يقال: محمد هو من آل إبراهيم بل هو خير آل إبراهيم كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين قال ابن عباس محمد من آل إبراهيم وهذا نص فإنه إذا دخل غيره من الأنبياء الذي هم من ذرية إبراهيم في آله فدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فيكون قولنا كما صليت على آل إبراهيم متناولا للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم ثم قد أمرنا الله أن نصلي عليه وآله خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموما وهو فيهم ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له وتقرير هذا أن يكون قد صلى عليه خصوصا وطلب من الصلاة ما لآل إبراهيم وهو داخل معهم ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم انتهى
وأما الكلام الذي ذكرت أنه فسر به أحدهم.. فعمران ومحمد صلى الله عليه وسلم كلاهما من آل إبراهيم ويدل لذلك أن عيسى عليه الصلا ة والسلام قد ذكر في ذرية إبراهيم في سورة الأنعام في قوله تعالى: وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ {الأنعام:84}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي
وأما التعليل المذكور فلم نر أحدا قال به من أهل العلم ، وأما الاصطفاء المذكور في السؤال فإن كنت تعني به السؤال عن الاصطفاء الذي ذكر الله في آية آل عمران فإنه يفيد تفضيل المذكورين في الآية على غيرهم فقد اصطفى آدم وخلقه بيده وأمر الملائكة بالسجود، واصطفى نوحا وإبراهيم وجعلهما من أولي العزم، واصطفى آل عمران، وجعل مريم وابنها محفوظين من الشيطان، وجعل عيسى من أولي العزم ففي الحديث عن أبي هريرة مرفوعا: ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها. ثم يقول أبو هريرة: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم متفق عليه
وأما آل النبي صلى الله عليه وسلم فلهم فضل عظيم بالانتساب للنبي صلى الله عليه وسلم ولهم حق على الأمة ولكنه لم يثبت في الشرع ما يفيد عصمتهم من الوقوع في الأخطاء وبالتالي فهم يخطئون ويصيبون.ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2685، 37684، 12125، 112346.
والله أعلم.