عنوان الفتوى : حكم التداوي للإنجاب بما ليس سببا لا شرعا ولا حسا

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

أنا متزوجة منذ ما يقارب: سنتين ونصف ولم أرزق ـ أنا وزوجي إلى حد الآن ـ بأطفال رغم عدم وجود أي مرض فينا ـ نحن الاثنين ـ أو مانع يؤخره، ولكنني وزوجي مؤمنان بالله وأنه هو الرزاق وننتظر الفرج القريب منه ونعيش حياتنا بهدوء ونراجع الأطباء للاطمئنان ـ لا أكثر ـ والمشكلة أن والدة زوجي وجدته من الأم بدأتا ـ قبل فترة ـ باللجوء إلى أساليب لا أدري مدى شرعيتها؟ وغايتهما أن أصبح حاملا، ومن هذه الأمور أنهما ذهبتا للسلام على إحدى النساء العائدات من الحج ـ وطبعا كنت أنا محور الحديث ـ فأخبرتهما الحاجة أنني ربما أكون مكبوسة، ولا أعرف ـ بالضبط ـ معنى الكلمة وأخذتا منها منشفتها التي تنشفت بها في الحرم المكي، لكي أغتسل بمائها وأمارس طقوسا غريبة كأن تأتي فتاة مبكرة لتغسيلي وإفاضة الماء علي بالتدريج مع التلفظ بكلمات وأدعية لفك ما أصابني، والأمر الآخر: هو إحضار تمرة من مكة أتناولها لكي أصبح حاملا، وقد ذهبتا إلى إحدى الجارات وأحضرتا لي مسحوقا لا أعرف مكوناته ومرفقة به ورقة بها أدعية وتسابيح وآيات قرآنية لكي أتناولها على مدى ثلاثة أيام وبعدها سأصبح حاملا ـ حسب ادعائهن ـ مع العلم أنهما متدينتان وتصليان ومتعلمتان وأنا أخشى أن أرفض تناول وفعل ما جلبتاه لي فأسبب مشاكل عائلية، لأنني في النهاية كنت ـ رغم عدم قناعتي بكل هذه الأمور واعتبارها شعوذات وأمور لا تمت للسنة بصلة ـ أنا وزوجي نخشى الإشراك بالله في مثل هذه الأمور وأخاف إن طاوعتهما أن يعاقبني الله بحرماني ـ إلى الأبد ـ من الأطفال أو أن يرزقني سبحانه بعد أن أتناول هذه الأشياء فيقولون إن الرزق جاء ببركة ما تناولته وأنا أعتبر هذا إشراكا. أرجوكم أرشدوني إلى الفعل الصحيح الذي أستطيع من خلاله طلب الرزق والذرية الصالحة من الله تعالى دون ممارسة هذه الأمور التي أخشى أن توقعني في مخالفة شرعية، وما مدى صحة هذه الممارسات؟ مع شكري الجزيل لحضراتكم وأتمنى سرعة الرد، لأنه من المفترض أن أبدأ بتناول ما جلبوه لي خلال أيام قليلة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما الأسباب المشروعة لحصول الحمل فمنها ما هو طبي, ومنها ما هو شرعي, فأما الشرعي فأسبابه كثيرة أعظمها التوبة إلى الله سبحانه من الذنوب والإكثار من الاستغفار، فإن للمعاصي آثارا سيئة وقد تمنع بشؤمها نعمة الولد, وقد قال الله سبحانه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا {نوح: 10 ، 12}.

ومنها: كثرة الدعاء والإلحاح على الله سبحانه في المسألة.

ومنها: الصدقة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 125553.

وأما الطبية: فيراجع فيها أهل الفن وذلك بعرض أنفسكما على الأطباء المتخصصين، ولكن يراعى في حال الكشف الذي يتضمن كشف العورات أن تراجعي طبيبة مختصة، لأنه لا يجوز للمرأة أن تتداوى عند رجل مع وجود الأنثى, كما بيناه في الفتوى رقم: 8107.

وأما ما يفعله أهل زوجك من هذه الممارسات فهذه ممارسات خاطئة, فلم يرد في نص ولا أثر أن من أسباب حصول الحمل الاغتسال بغسالة منشفة استعملت في الإحرام, ولا أكل تمرة من تمر مكة، وهذا كله من الشرك بالله، لكنه يكون شركا أكبر إذا اعتقدوا أن هذه الأشياء مؤثرة بنفسها، ويكون شركا أصغر إذا اعتقدوها مجرد أسباب، لأن طلب التداوي بشيء لم يثبت كونه سبباً ـ لا شرعاُ ولا حساً ـ نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التوله والقلائد التي يقال إنها تمنع العين، وما أشبه ذلك، لأن فاعل هذا قد أثبت سبباً لم يجعله الله سببا، فكان مشاركاً لله في إثبات الأسباب، كما بيناه في الفتوى رقم: 115224.

أما هذا المسحوق الغامض: فالظاهر أنه من جنس هذه الممارسات، ولكن إن ثبت أن له تأثيرا طبيا مجربا مفيدا في علاج العقم، فلا حرج في تناوله، ولكن لا تفعلي ذلك إلا بعد مراجعة أهل الطب المتخصصين فربما كان له تأثير ضار.

واعلمي أنه إذا ثبت كون الشيء مخالفا لكتاب الله أو لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز فعله بحجة عدم إغضاب الناس أو الخوف منهم, فالله أحق أن يرضى وأن يخشى, قال سبحانه: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ {التوبة: 62}.

وقال سبحانه: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ {الأحزاب: 37}.

وفي النهاية ننبهك على أنه إذا ثبت كون هذا التأخير في الإنجاب بسبب السحر فعليكما بالرقية الشرعية المبينة في الفتاوى التالية أرقامها: 5433, 1167972244, ويمكنكم مراجعة أهل التخصص فيها من أصحاب العلم والدين دون غيرهم من أهل السحر والشعوذة.

والله أعلم.