عنوان الفتوى : التوكل والأخذ بالأسباب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

حصل نقاش حول مسألة التوكل والأخذ بالأسباب ، وتوكل بعض الصالحين كتوكل مريم والتي تأتيها فاكهة الصيف في الشتاء والعكس ، ولم تتخذ الأسباب بل انقطعت للعبادة . فأيدونا في ذلك بارك الله فيكم .

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله

"التوكل يجمع الأمرين ، فالتوكل يجمع شيئين :

أحدهما : الاعتماد على الله ، والإيمان بأنه مسبب الأسباب ، وأن قَدَره نافذ ، وأنه قَدَّر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى .

الشيء الثاني : تعاطي الأسباب ، فليس من التوكل تعطيل الأسباب ، بل من التوكل الأخذ بالأسباب ، والعمل بالأسباب ، ومن عَطَّلها فقد خالف شرع الله وقَدَرَه ، فالله أمر بالأسباب وحث عليها سبحانه وتعالى ، وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك .

فلا يجوز للمؤمن أن يعطل الأسباب ، بل لا يكون متوكلاً على الحقيقة إلا بتعاطي الأسباب ، ولهذا شُرِعَ النكاح لحصول الولد ، وأمر بالجماع ، فلو قال أحد من الناس : أنا لا أتزوج وأنتظر ولداً من دون زواج ، لعُد من المجانين ، فليس هذا أمر العقلاء ، وكذلك لا يجلس في البيت أو في المسجد يتحرى الصدقات ويتحرى الأرزاق تأتيه ، بل يجب عليه أن يسعى ويعمل ويجتهد في طلب الرزق الحلال .

ومريم رحمة الله عليها لم تدع الأسباب ؛ فقد قال الله لها : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) مريم/25 ، هزت النخلة وتعاطت الأسباب حتى وقع الرطب ، فليس من عملها ترك الأسباب ، ووجود الرزق عندها وكون الله أكرمها وأتاح لها بعض الأرزاق وأكرمها ببعض الأرزاق لا يدل على أنها معطلة الأسباب ، بل هي تتعبد وتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب .

وإذا ساق الله لبعض أوليائه من أهل الإيمان شيئاً من الكرامات فهذا من فضله سبحانه وتعالى ، لكن لا يدل على تعطيل الأسباب ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ) رواه مسلم (2664) ، وقال الله سبحانه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) الفاتحة/5" انتهى .

سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

"فتاوى نور على الدرب" (1/364) .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...