عنوان الفتوى : المسلم إذا ارتد هل تبطل يمينه وهل يكَّفر إذا رجع للإسلام ثم حنث
شخص حلف يميناً ثم بعدها بفترة قصيرة ارتد عن الدين ـ والعياذ بالله ـ وهو غير ناس ولا مكره ويعلم أن الكلمة التي تلفظ بها كلمة كفر، ثم بعد ذلك هداه الله فتاب وعاد إلى روضة الإسلام، ثم حنث في يمينه، فهل عليه كفارة؟ أم إن إسلامه بعد كفره يجب اليمين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن وجوب الكفارة مبني على بقاء اليمين حال الردة وعدم بطلانها، وقد اختلف العلماء في بطلان اليمين بالردة كما اختلفوا في انعقادها من الكافر.
فذهب الحنفية والمالكية: إلى عدم انعقاد يمين الكافر، كما ذهبوا إلى أن الردة تبطل اليمين، لالتحاقه حينئذ بالكافر الأصلي.
وأما الشافعية والحنابلة: فقالوا بانعقاد يمين الكافر، فلا يشترط الإسلام في انعقاد اليمين ولا بقائها، فعلى ذلك تنعقد يمين المسلم ولو ارتد بعد ذلك، جاء في المبسوط للسرخسي ـ من كتب الحنفية: مسلم حلف على يمين، ثم ارتد, ثم أسلم, فحنث فيها، لم يلزمه شيء، لأنه بالردة التحق بالكافر الأصلي, ولهذا حبط عمله، قال الله تعالى: ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله.
وكما أن الكفر الأصلي ينافي الأهلية لليمين الموجبة للكفارة, فكذلك الردة تنافي بقاء اليمين الموجبة للكفارة.
وفي المدونة ـ في فقه الإمام مالك: قال ابن القاسم: والمرتد إذا ارتد وعليه نذر بالعتق أو عليه ظهار أو عليه أيمان بالله قد حلف بها: إن الردة تسقط عنه.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وقال الشافعية والحنابلة: لا يشترط الإسلام في انعقاد اليمين ولا بقائها فالكافر الملتزم للأحكام ـ وهو الذمي والمرتد ـ لو حلف بالله تعالى على أمر, ثم حنث وهو كافر, تلزمه الكفارة عند الشافعية والحنابلة, لكن إذا عجز عن الكفارة المالية لم يكفّر بالصوم إلا إن أسلم، وهذا الحكم إنما هو في الذمي, وأما المرتد فلا يكفّر في حال ردته ـ لا بالمال ولا بالصوم ـ بل ينتظر, فإذا أسلم كفر، لأن ماله في حال الردة موقوف, فلا يمكن من التصرف فيه، ومن حلف حال كفره ثم أسلم وحنث, فلا كفارة عليه عند الحنفية والمالكية.
وعليه الكفارة عند الشافعية والحنابلة إن كان حين الحلف ملتزما للأحكام.
وانظر الفتوى رقم: 109475.
والله أعلم.