عنوان الفتوى : قسمة التركة على من كان حيا حين موت المورث

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: توفيت أمي 1995م وتركت بيتا من 5 طوابق مساحته تسعون مترا في حي شعبي بمصر، ولي أخ شقيق وأختان شقيقتان, ولنا من أمنا 3 أخوة ذكور، وكانت أمي قد كتبت نصف البيت لأخ من غير الأشقاء عندما كان البيت 4 طوابق، لأنه ـ علي حد قول البعض ـ قد ساهم معها في الأرض والبناء حتى الطابق الرابع، ثم مات أخي 1977م وتراجعت أمي عن نيتها, وقام أبي ببناء الطابق الخامس، لنسكن فيه ـ أنا وهو وأمي ـ حيث إنني أصغر الأبناء, وذكرت أمي أنها بنت الطابق الثالث والخامس علي نفقتها التي هي من مال أبي دون اشتراك إخواني، ثم مات أبي1984م، ثم مات لي أخ شقيق عام1990م قبل والدته ب5 أعوام، وتزوجت أنا في 1993م وأقمت أنا وزوجتي مع أمي في الطابق الخامس ثم طلبت من أمي أن تكتب لي الشقة التي نقيم فيها باسمى فكتبتها إلا أن أخواتي ـ البنات ـ أخبرن إخواني أن أمي قد سجلت لي الشقة بالشهر العقاري، ليضمنوا لي الشقة ـ وهذا ما لم يحدث ـ ثم ماتت أمي 1995م، فدبت الخلافات بيننا فاقترحت تقسيمة وافق عليها جميع الورثة, بإعطاء أبناء الأخ المتوفى أولا 4 شقق ـ عدد غرفها: 9ـ من أجمالي 9 شقق، حيث إن البيت علي شقتين ماعدا الطابق الخامس فهو علي شقة واحدة، وأبناء أخي الشقيق كتبنا لهم الشقة التي يقيمون فيها من3 غرف بالطابق الثاني، والأختان الشقيقتان كتبنا لهم شقة من 3غرف وأخ غير شقيق كتبنا له شقتين بالطابق الأول وكل شقة تتكون من غرفتين وذلك بزعم أنه ساهم في البناء والأخ الثالث غير الشقيق كتبنا له دكانا صغيرا ـ فقط ـ بالطابق الأول بزعم أحد الورثة أنه لم يساهم في البناء مطلقًاً, وكتبت لي الشقة التي أقام أبي وأمي معي فيها بالطابق الخامس إلي أن ماتا وهي 4 غرف علي مساحة البيت كاملا وكان سطح المنزل من داخل الشقة مصمم علي أن ينتفع به المقيم بالشقة فقط ـ وهو أبي ـ وكتب لي هو وعفشة صغيرة تحت سلم المنزل أضع فيها بعض أدوات العمل: كالحبال والسطول الخاصة بمهنة اللياسة وهي في حجم الحمام الصغير, ثم بعد التقسيم بعام مات أخي الذي أخذ دكانا فقط بزعم إخوتي أنه لم يساهم في البناء مطلقا، وأذكر لكم أنني كنت قائما على خدمة أبي وأمي وتمريضهم في المستشفيات بسعيي وبمال أبي وأمي، ولم يساعدني في تمريضهم ـ طيلة سنوات مرضهم ـ أي أخ لي بزعمهم أنني مقيم معهم والمستفيد الأكبر من الوالدين، ثم تراجعت وأعطيت أبناء أخي الشقيق ـ المتوفي أيضا قبل أمه ـ2000جنيه تبرئة للذمة، لخوفي من أن أكون ظالما ولزعمي أنه مشترك مع الأب الذي ساهم بنصيب كبير في البناء وكذلك لأنني صاحب فكرة التقسيم هذه, ثم إنني قد مرضت مرضا شديدا 1998م وكنت قد قسمت شقتي إلى شقتين 3 غرف، وغرفتين, لإعانتي علي النفقة من إيجار أحدهما, ثم جنحت لكتابة القسم الأصغر لأبناء أخي صاحب الدكان بعقد بيع ابتدائي لجميع أبنائه وسلمت العقد لأكبر أبنائه في حضور أخيه وكلاهما رجال في 31 ربيعا, إلى 27 ربيعا في ذلك الحين، فمكث العقد معهم شهرا ثم أعادوه إلي وقالوا نحن سامحناك, وأظن ذلك لمرضي في هذا الوقت, ثم جنحت للغرفة تحت سلم المنزل وكتبتها لأبناء أخي الذي أخذ دكانا بعدما أصلحت شأنها وأجرتها له, وكذلك رفعت لأبنائه قيمة الدكان محاولة مني في توازن كفتهم، كما أن أخواتي ـ البنات ـ قلن لي إنهن في حالة ما لو كنت أخذت أكثر منهم فإنهن راضيات ويرفضن أن أعطيهن شيئا من سطح المنزل المكتوب باسمي, وبعد ذلك عمدت إلي سطح المنزل وأعدت تصميمه إلي خارج السلم وأقمت عليه طابقا سادسا سقفه من السلك والخشب وأقمت فيه وأجرت الطابق الخامس, وأريد الآن أن أعرف حكم الشرع في ما حصل وإن كنت مخالفاً، فما هي المخالفات؟ وماذا أفعل الآن؟.

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

 

 

 

 

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قال الله تعالى بعد أن بيَّن أنصبة المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13، 14}.

قال السعدي: أي: تلك التفاصيل التي ذكرها في المواريث حدود الله التي يجب الوقوف معها وعدم مجاوزتها ولا القصور عنها. هـ.

ولذلك، فإن السائل قد أخطأ خطئا بينا إذ أقبل على قسمة الميراث برأيه دون أن يرجع إلى أهل العلم فيعرف الطريقة الشرعية لقسمته.

ثم إننا ننبهه على أن أمر التركات وسائر الحقوق المشتركة، وكذلك الحكم على الغائب والميت ونحو ذلك، هي أمور خطيرة وشائكة للغاية فلا بد من رفعها للمحاكم الشرعية أو ما ينوب منابها، للنظر والتحقيق والتدقيق والبحث في الأمور الخفية العالقة بالقضية وإيصال الحقوق لذويها، ولا يمكن الاكتفاء في مثل هذه الأمور بمجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، خاصة إذا كانت متشابكة ومتطاولة الزمان ومتعددة الأطراف وذات أبعاد لا يمكن أن يحاط بها عن طريق سؤال مكتوب ـ كما هو الحال هنا ـ ولذا، فإنا سنكتفي ببيان أصول الموضوع في هذه المسألة من خلال النقاط الآتية:

أولا: من كان حياً حين موت مورثه دخل نصيبه من التركة في ملكه، فإذا مات هو انتقل نصيبه إلى ورثته مَن كانوا، وإن توفي الوارث قبل قسمة التركة، فإن حقه يبقى محفوظا لورثته هو.

وأما من مات قبل المورث فلا يستحق شيئا من الميراث، وراجع الفتوى رقم: 65367.

ثانيا: ما كان بيد الإنسان وفي حوزته يحكم له بملكيته ما دام حياً، فإذا مات انتقل الملك إلى ورثته، إلا إذا قامت بينة شرعية على انتقال الملك في حياته لغيره ببيع أو هبة أو وصية، فيحكم ـ عندئذ ـ بمقتضى تلك البينة وراجع الفتوى رقم: 6495.

ثالثا: بالنسبة لكتابة الأم نصف البيت لأحد أبنائها، نظرا لأنه ساهم معها في شراء الأرض وتكلفة البناء، إن كان ذلك على سبيل الهبة حال حياتها وحازها الموهوب له، فهي له ولورثته من بعده، بشرط أن يراعى في القدر المكتوب قدر هذه المساهمة، لأنه لا يجوز تخصيص أحد الأبناء بالهبة إلا لمسوغ شرعي، والمسوغ هنا إنما هو تعويضه عما بذله في الشراء والبناء.

وأما إن كانت هذه الكتابة مردودة إلى موت الواهبة، فهذا له حكم الوصية والوصية لا تجوز لوارث ولا بأكثر من الثلث إلا إن أمضاها بقية الورثة وبشرط كونهم بالغين رشداء، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 71524،128022، 59521.

رابعا: ما يبذله الابن من ثمن أرض أو تكلفة بناء إن كان على سبيل الهبة لوالديه فهو ملكهما، ولا يستحق هذا الابن لأجل ذلك شيئا زائدا عن نصيبه الشرعي من التركة.

وأما إن فعل ذلك على سبيل المشاركة بعلم والديه، فإنه يختص بقدر ذلك دون بقية الورثة قبل القسمة، وراجع الفتويين رقم: 46322 ورقم: 43052.

 وما ينفقه الابن على علاج والديه يفصل فيه، فإن كان أنفقه حال عجزهما عن تكلفة العلاج فلا يرجع به ـ قولا واحدا ـ لأنه من أداء ما افترض عليه وإن كان أنفقه في حال كونهما قادرين على علاج أنفسهما ماديا فإن الأصل أنه هبة لا دَين، إلا إن قامت بينة على أنه بذله لهما على سبيل الدين.

وأما خدمة أحد الأبناء لوالديه دون سائر إخوته، فلا يستحق عليها شيئا زائدا من الميراث مطلقا.

خامسا: للأبناء حق في ميراث أمهم ـ سواء كانوا أشقاء أو لأم ـ حتى وإن كان ما تركته الأم نالته من طريق والد بعض أبنائها، وراجع الفتوى رقم: 38768.

سادسا: لا يحق لأحد الورثة أن ينفرد بشيء من المال ـ سواءً كان بيتاً أو غيره ـ إلا إذا أذن له الورثة وبشرط كونهم بالغين رشداء، وراجع الفتوى رقم: 29773.

سابعا: إذا رضي الورثة بقسمة المراضاة، فلا مانع من ذلك شرعاً ما لم يكن هناك سفهاء أو قُصَّر يغبنون بهذه القسمة.

 وقسمة المراضاة: أن يتراضى أصحاب الحق على طريقة للتقسيم بأن يأخذ كل واحد منهم شيئاً معيناً، ولا يشترط أن يكون المأخوذ يساوي حصة الآخذ ـ إذا كان المغبون بالغاً رشيداً وفعل ذلك باختياره ـ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 63459.

ولذلك، فإننا ننصح السائل الكريم بالتوبة إلى الله تعالى، وأن يتصالح هو وبقية الورثة ووارث من مات منهم على ما يتراضى عليه الجميع وأن يسامح بعضهم بعضا، فإن الدنيا بأسرها لا تستحق مخالفة أمر الله والتعرض لسخطه وعقابه، وينبغي أن نتذكر بقسمة الميراث أننا سنموت أيضا ونورث، ولا ينفع عندئذ مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله.

متفق عليه.

والله أعلم.

 

أسئلة متعلقة أخري
حرمته أمّه من الميراث فرضي بمبلغ يسير، فما الحكم؟
مات عن زوجة وثلاث بنات وشقيق وأخوين لأم وأخت لأب
توفي عن زوجة وابن وثلاث بنات
توفي عن أب وأم وجد وعم شقيق وأخت شقيقة ولأب
لا ترث الأخت الشقيقة بوجود الابن
أخذ الزوجة راتب زوجها التقاعدي عن طريق بنك ربوي
توفيت عن أب وأمّ وزوج وأربع بنات وخمسة أبناء
حرمته أمّه من الميراث فرضي بمبلغ يسير، فما الحكم؟
مات عن زوجة وثلاث بنات وشقيق وأخوين لأم وأخت لأب
توفي عن زوجة وابن وثلاث بنات
توفي عن أب وأم وجد وعم شقيق وأخت شقيقة ولأب
لا ترث الأخت الشقيقة بوجود الابن
أخذ الزوجة راتب زوجها التقاعدي عن طريق بنك ربوي
توفيت عن أب وأمّ وزوج وأربع بنات وخمسة أبناء