عنوان الفتوى : حكم بالطلاق على نفسه ليمنعها من العادة السرية ولكنه فعلها فما الحكم؟

مدة قراءة السؤال : 5 دقائق

حلفت بالطلاق على أشياء خبيثة بغرض منع نفسي من فعلها، وبالفعل منعت نفسي من فعل بعضها، والبعض الآخر لم أوفق في تركه مثل العادة السرية والسجائر، إلا أنني أقلعت عن السجائر منذ ستة أشهر، ولكن مارست العادة السرية، والمشكلة أنني لم أدخل بزوجتي بعد وهي الآن موجودة بمصر، ولكنني لا أعلم عدد المرات التي خالفت فيها حلفي، وكذلك عدد المرات المتشابهة والمختلفة، حيث حلفت على أشخاص بغرض منعهم من أعمال معينة وكان الحلف بغرض التأكيد ولا أدري عدد المرات ولا حكم في ذلك، وتبت توبة ـ أحسبها إن شاء الله ـ نصوحا. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف العلماء في الحلف بالطلاق، هل يقع إذا حصل ما علقه عليه أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يقع، لأنه طلاق معلق بشرط، فيقع بوقوع الشرط، وعلى هذا المذاهب الأربعة: واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوع الطلاق، لأن الحالف يريد الزجر والمنع، وهو كاره للطلاق، فهي يمين فيها الكفارة. قال شيخ الإسلام ـ وهو المنصوص عن أبي حنيفة ـ وهو قول طائفة من أصحاب الشافعي، كالقفال وأبي سعيد المتولي صاحب التتمة، وبه يفتي ويقضي في هذه الأزمنة المتأخرة طائفة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وغيرهم من أهل السنة والشيعة في بلاد الجزيرة والعراق وخراسان والحجاز واليمن وغيرها، وهو قول داود وأصحابه، كابن حزم وغيره، وهو قول طائفة من السلف، كطاووس وغيره، وبه يفتي كثير من علماء المغرب في هذه الأزمنة المتأخرة من المالكية وغيرهم، وكان بعض شيوخ مصر يفتي بذلك، وقد دل على ذلك كلام الإمام أحمد المنصوص عنه وأصول مذهبه في غير موضع. انتهى. وحكاه في موضع آخر عن سفيان بن عيينة، إلا أن الظاهرية يقولون: لا يقع وليس عليه كفارة، وهو مذهب محمد الباقر، وذهب إلى ذلك الشيعة. واستدل من قال بعدم وقوع الطلاق بما يأتي: 1ـ أن الحلف بالطلاق يمين باتفاق الفقهاء وأهل اللغة ـ بل وكل الناس ـ وإذا كانت كذلك فحكمها حكم اليمين، وقد قال الله تعالى: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {التحريم:2}. وقال سبحانه: ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ {المائدة:89}. وقال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم. 2ـ أنه قد جاء عن طائفة من الصحابة والتابعين والأئمة أن من حلف بالعتاق لا يلزمه الوفاء، وله أن يكفر عن يمينه، وممن جاء عنه ذلك: عمر وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وعائشة وأم سلمة وحفصة وزينب بنت أبي سلمة والحسن البصري وحبيب بن الشهيد وأبو ثور وعطاء وأبو الشعثاء وعكرمة وهو مذهب الشافعي وأحمد ورواية عن أبي حنيفة اختارها محمد بن الحسن وطائفة من أصحاب مالك كابن وهب وابن أبي الغمر وأفتى ابن القاسم ابنه بذلك ونسبه إلى الليث، ولا فرق بين الحلف بالطلاق والحلف بالعتاق، ومن فرق فعليه الدليل. 3ـ أنه قد اتفق الفقهاء على أن من حلف بالكفر لا يلزمه الكفر، قالوا: لأنه لا يقصد الكفر، وإنما حلف به لبغضه له، فيقال: كذلك الطلاق ولا فرق. 4ـ أن الجمهور فرقوا بين نذر التبرر، كقوله: إن شفا لي الله مريضي فعلي عتق رقبة. ونذر اللجاج والغضب، كقوله: إن فعلت كذا، فعلي عتق رقبة. فألزموا الوفاء في نذر التبرر دون نذر الغضب واللجاج، وكذلك ينبغي أن يقال في الحلف بالطلاق، وعلى هذا فمن تكرر منه الحلف بالطلاق، فعليه كفارة عن كل يمين حلفها. وعلى كل، فالخلاف في المسألة خلاف قوي وقديم، وأكثر أهل العلم على القول الأول، ومن قالوا بالقول الثاني ـ وإن كانوا قلة ـ فإن معهم من الدليل ما يجعل قولهم محل اعتبار إلى حد بعيد، والذي ننصحك به أنت وأمثالك هو البعد عن الحلف بالطلاق، لما يترتب على ذلك، ثم عليك برفع أمرك إلى المحاكم الشرعية ـ إن وجدت ـ فإن لم توجد فإلى من تثقون به من أهل العلم والورع. والله أعلم. وعلى هذا، فمن تكرر منه الحلف بالطلاق، فعليه كفارة عن كل يمين حلفها، ومن لا يدري عن عدد المرات هل تكون كفارة يمين واحد أم ماذا؟ وما حكم من لا يستطيع تأدية يمين الكفارة لسبب ما. أنتظر إفادة سعادتكم.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم فيمن تعدد من الحلف على أمر واحد ثم حنث، وقد بينا ذلك ـ مفصلا ـ في الفتوى رقم: 56462.

أما من تكرر منه الحلف على أشياء مختلفة ثم حنث فيها فإنه تجب عليه الكفارة في كل يمين ومن لم يعلم عدد المرات التي حنث فيها فإنه يخرج من الكفارات ما يظنه مساويا لعدد الأيمان بحيث يغلب على ظنه براءة ذمته كما بيناه في الفتوى رقم: 109022.

وكفارة اليمين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 2053، وبيان أن الشخص مخير فيها بين الإطعام لعشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فمن لم يقدر فلا حرج عليه، لأن التكاليف الشرعية تسقط بالعجز عنها، ولكن تبقى هذه الكفارات في ذمته متى قدر عليها وجب عليه إخراجها، ولمزيد الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 6869.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
قال لزوجته: "أنت محرَّمة عليَّ، أنت طالق طالق طالق"
حلف بالطلاق ثلاثا ألا يأخذ من زوجته أي مبلغ وندم
قال لزوجته: "إن لم توقفي التواصل مع زوج أختك، فسيكون بيننا الطلاق"
قصد الزوج إعلام زوجته بتعليق الطلاق على فعل ثم فعلته ولم تعلم به
كذب على زوجته فقالت له قل: "إذا كذبت عليك، فأنا طالق طالق طالق" فكرر ذلك
حلف عليها زوجها بالطلاق ألا تذهب للعمل فظنته يقصد اليوم التالي فذهبت
من علّق طلاق زوجته على عدم فسخها عقد العمل في يوم معين فمرضت