عنوان الفتوى : طلق زوجته لأمور اعترفت بها ووالده يقسم عليه أن لا يرجعها
طلقت زوجتي لأسباب قد اعترفت بها لكنها الآن تريد أن تحلف اليمين بأنها لم تفعل ما فعلت ووالدي قد أقسم عليَّ أن لا يعيدها ، ولو أعدتها لتبرأ مني ، فماذا أفعل؟
الحمد لله إذا كانت زوجتك مرضِية الدين والخلق ، أو كنت تحبها ولا تقدر على تركها ، فرغبت في إرجاعها ، وأبى والدك ذلك ، فإنه ينبغي أن تسعى في إقناعه وإرضائه ولو عن طريق بعض أقاربك أو من يستجيب الوالد لنصحه ، فإن استجاب لذلك فالحمد لله ، وتلزمه كفارة يمين ، وإن أصر على رأيه فلا تلزمك طاعته في ذلك ، لأن الطاعة إنما تجب في المعروف ، وفيما لا ضرر منه على الابن . قال في "مطالب أولي النهى" (5/320) : "ولا تجب على ابن طاعة أبويه ولو كانا عدلين في طلاق زوجته ، لأنه ليس من البر" انتهى. وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل متزوج وله أولاد , ووالدته تكره الزوجة، وتشير عليه بطلاقها ، هل يجوز له طلاقها ؟ فأجاب : "لا يحل له أن يطلقها لقول أمه , بل عليه أن يبر أمه ، وليس تطليق امرأته من برها. والله أعلم" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/331). وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن حكم طلاق الرجل لزوجته إذا طلب منه أبوه ذلك فقال : " إذا طلب الأب من ولده أن يطلق زوجته فلا يخلو من حالين : الأول : أن يبين الوالد سببا شرعيا يقتضي طلاقها وفراقها مثل أن يقول : طلِّق زوجتك ؛ لأنها مريبة في أخلاقها ، كأن تغازل الرجال ، أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة ، وما أشبه ذلك . ففي هذا الحال يجيب والده ويطلقها ؛ لأنه لم يقل : طلِّقها ، لهوى في نفسه ، ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا هذا الدنس ، فيطلقها . الثانية : أن يقول الوالد للولد : طلِّق زوجتك ، لأن الابن يحبها فيغار الأب على محبة ولده لها ، والأم أكثر غيرة ، فكثير من الأمهات إذا رأت الولد يحب زوجته غارت جدا حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها ، نسأل الله العافية . ففي هذه الحالة لا يلزم الابن أن يطلق زوجته إذا أمره أبوه بطلاقها أو أمه . ولكن يداريهما ويبقي الزوجة ويتألفهما ويقنعهما بالكلام اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ولا سيما إذا كانت الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها . وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن هذه المسألة بعينها ، فجاءه رجل فقال : إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي ، قال له الإمام أحمد : لا تطلقها ، قال : أليس النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته حين أمره عمر بذلك ؟ قال : وهل أبوك مثل عمر ؟ ولو احتج الأب على ابنه فقال : يا بني إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الله بن عمر أن يطلق زوجته لما أمره أبوه عمر بطلاقها ، فيكون الرد مثل هذا ، أي : وهل أنت مثل عمر؟ ولكن ينبغي أن يتلطف في القول فيقول : عمر رأى شيئا تقتضي المصلحة أن يأمر ولده بطلاق زوجته من أجله ، فهذا هو جواب هذه المسألة التي يقع السؤال عنها كثيرا " انتهى من "الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة" (2/671). والأمر بعدم إرجاع الزوجة ، كالأمر بطلاقها ، فلا تلزم فيه الطاعة ، لكن عليك أن تقارن بين مفسدة القطيعة المتوقعة بينك وبين والدك ، ومفسدة الانفصال عن زوجتك ، وأنت أدرى بطبيعة والدك ومدى احتمال عفوه عنك ، وتراجعه عن التبرؤ منك . والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |