عنوان الفتوى : الوصية للوارث وحكم الوقف المعلق بالموت
الوالد متوفى، وتوفيت أمي قبل خمس سنوات عن خمس بنات، ولأمي أختان وأخ, وتركت ذهباً ومالاً وبيتاً وتم توزيع المال حسب النصاب الشرعي، وفى الذهب كانت أمي قد أخبرت أخواتها أن الذهب لبناتي لكنها لم تقم بتوزيعه فى حياتها فتم توزيع الذهب على البنات الخمسة بعد الوفاة ولم يعترض أحد من الأخوال ليس من باب إجازة الوصية بل ما هو مشهور من أن الذهب للبنات، علماً بأن هناك اثنين من أخوالي وقتها كانا فى حاجة للمال وما زالا لكن بعد أن علمنا أنه لا وصية لوارث خفنا على أنفسنا وعلى أمي فقررنا إعادة توزيع الذهب أو قيمته بين كل الورثة حسب النصاب الشرعي ورد نصيب أخوالي. فهل ما نود فعله صوابا أم لا حاجة له وأن الأمر قد انتهى؟ وفيما يتعلق بالبيت أخبرت أمي فى مرض وفاتها إحدى أخواتها أن البيت لبناتي فقمنا بكتابة عقد بيع بعد الوفاة بتاريخ سابق لوفاتها بتوكيل بيع فيه البيت لنا نحن البنات الخمسة وبمعرفة خالتي التي كانت تعرف بالأمر والتي قالت فى وقت لاحق لا أريد منكم شيئا لكن اعطوا أختى وأخي نصيبهم فهم فى حاجة. والآن على هذا النحو تعتبر هذه وصية لوارث فلا تصح أيضا كما هو فى حال الذهب إلا باسترضاء الورثة أو رد أنصبتهم إليهم، وماذا لو كانت أمي اشترطت أن البيت لبناتي ولكن لا يباع ولم نعرف نيتها فى قولها لا يباع هل قصدت به أن يكون وقفاً، فإن قصدت الوقف فهل لا يرث أخوالى وننتفع نحن الخمسة به دون أن نبيعه؟ وماذا لو بعناه مع كونه وقفاً هل نرد لأخوالي نصيبهم وهل نأثم فى هذه الحالة لبيعنا إياه؟ والتفسير الآخر لقولها لا يباع وهذا ما نرجحه لاعتقادنا أنها لم تقصد الوقف هو ألا يباع إلا باتفاقنا نحن البنات الخمسة لخشيتها من زوج أحد أخواتي أن يضغط على أختنا لتبيع دون اتفاقنا ويأخذ مالها وبالتالي إن صح التفسير الأخير لقولها لا يباع فهل تعد وصية لوارث ولا تصح ويفسد البيع لأنفسنا وعلينا رد الميراث لأخوالي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جميع ما تركت أمكم من مال وذهب وبيت وحتى مقتنياتها الشخصية يعتبر تركة، وعليكم أن تقسموه على كل الورثة حسب ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان ورثتها محصورين فيمن ذكر في السؤال وهم بناتها وأختاها وأخوها فإن تركتها تقسم على النحو التالي: للبنات الثلثان فرضاً لقول الله تعالى، فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11}. وللإخوة الثلث الباقي تعصيباً يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176}.
وأما ما كانت تقوله أمكم في حياتها عن الذهب والبيت وأنهما يخصان البنات بعد وفاتها فإنه لا اعتبار له لأنه بمنزلة الوصية للوارث، والوصية للوارث لا تصح إلا إذا أجازها بقية الورثة برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا أهلاً لنفاذ التصرف المالي بالرشد والبلوغ، فقد روى الإمام أحمد وأصحاب السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة.
ولا يصح أن يكون إخبارها في مرض موتها أن البيت لبناتها وقفاً لأن الوقف إذا كان في مرض مخوف أو معلقاً بالموت فهو في حكم الوصية، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 74508 وما أحيل عليها فيها. وعليه فإن عليكم أن تعطوا إخوة أمكم حقهم من الذهب ومن البيت. إلا إذا تنازلوا لكم عن نصيبهم برضاهم وطيب أنفسهم وكانوا رشداء بالغين، كما ننبه السائلة الكريمة أن التزوير وتغيير المستندات.. حرام فلا يجوز للمسلم كتابة العقود وتغيير التاريخ لما في ذلك من الكذب والغش والخيانة والخديعة وكل ذلك حرام شرعاً، وللمزيد من الفائدة والأدلة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32875، 52340، 50981، 112996 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.