عنوان الفتوى : لا تعارض بين وجوب القضاء وبين كون التوبة تهدم ما قبلها
قرأت قبل عن فتوى لشخص كان يمارس العادة السرية بدون علم منذ صغره ولأعوام طويلة ولم يكن يعلم أن ذلك يبطل الطهارة، فأجابه المفتى بقضاء ما عليه من صلاة طيلة هذه السنوات التي قد تمتد لأكثر من ثمانية أعوام. فهل هناك تعارض بين أن التوبة تجب ما قبلها وبين قضائه لصلوات هذه السنوات؟ وهل إذا مات قبل قضائها يحاسبه الله على ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة مختلف فيها بين أهل العلم وهي من ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا بوجوبه هل يلزمه القضاء أو لا؟ وقد أوضحنا خلافهم في الفتويين: 125226، 109981. والأحوط بلا شك الأخذ بقول الجمهور وهو القضاء خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا تعارض بين لزوم القضاء وبين أن التوبة تهدم ما قبلها من الإثم، لأن التوبة تمحو الإثم عن العبد وأما ما استقر في الذمة من دين الله أو دين للعباد فلا بد من أدائه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والمبادرة بقضاء هذا الدين الذي استقر في الذمة دليل على صدق العبد في التوبة، فقضاء هذا الدين إذن هو من كمال التوبة وشرط من شروطها على القول بلزومه، وأما مؤاخذة العبد لو مات وفي ذمته هذا الدين فينبني على تفريطه في قضائه، فإن كان قد تراخى وأخر القضاء مع إمكانه فهو متعرض للعقوبة، وإن كان قد فعل ما في وسعه ثم أدركه الموت قبل أن يوفي جميع ما عليه فإن رحمة الله تسعه فإنه قد اتقى الله ما استطاع، والله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.