عنوان الفتوى : جواز الاعتماد على قول الطبيب الكافر الموثوق في الفطر
سؤالي: زوجتي حامل فى نهاية الشهر الثالث ولله الحمد ولكنها لا زالت تعاني من أعراض الحمل مثل القيء وصعوبة فى التنفس، والإجهاد والحموضة الزائدة وكراهة معظم الأغذية على سبيل المثال الحليب والزبادي واللحوم وغيرها، وبما أننا مقيمون فى فرنسا لغرض العمل فقد قمنا باستشارة الطبيبة التي تتابع حمل زوجتي وهي فرنسية وغير مسلمة بخصوص صوم زوجتي لشهر رمضان فقالت بأنه لا ينبغي لها أن تصوم ويجب أن تفطر، ولكننا لم نطمئن لقرارها بحكم أنها غير مسلمة، أريد أن أضيف معلومة وهي أن زوجتي أجهضت قبل عام ونصف تقريبا وبعدها عانت من نقص شديد فى الحديد مما سبب لها إعياء فى الجسم وصعوبة فى التنفس، واصفرارا فى الجسم مما دعا الأطباء لإعطائها دواء لزيادة الحديد استمرت عليه منذ ذلك الوقت وإلى بداية الشهر الثالث من الحمل. سؤالي أثابكم الله: هل تصوم زوجتي رمضان أم تفطر؟ وفى حالة إفطارها هل عليها قضاء فقط أم قضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم أفطرته؟ أمر آخر لديها ثلاثة أيام شك-الدورة الشهرية- من رمضان السنة الماضية فقد صامت ستة أيام قضاء وتشك فى ثلاثة أخرى كيف تقضيهم؟ وهل عليها كفارة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعندنا في موقعنا فتاوى كثيرة متعلقة بموضوع سؤالك، ولكننا نزيدك إيضاحاً فنقول: قد أباح الشارع للحامل أن تفطر إذا خافت على نفسها أو على ولدها، وقد قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكيناً، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا. رواه أبو داود.
فإذا غلب على ظن زوجتك أنها تتضرر بالصوم أو أخبرها بذلك طبيب ثقة جاز لها الفطر، وقد رجح بعض العلماء منهم العلامة ابن عثيمين جواز الاعتماد على قول الطبيب الكافر ما دام موثوقاً به في عمله، وإذا كنتما غير واثقين في خبر الطبيبة الكافرة فيمكنكما استشارة غيرها من الأطباء المسلمين، وإن لم تتمكنا من ذلك فلتعمل زوجتك بما يغلب على ظنها، لأن هذا هو ما تقدر عليه والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، فإذا أفطرت زوجتك خوفاً على نفسها فعليها القضاء فحسب، وإن أفطرت خوفاً على الولد فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم في قول الشافعي وأحمد.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملة ذلك أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر وعليهما القضاء فحسب. لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافاً لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل يوم وهذا يروي عن ابن عمر وهو المشهور من مذهب الشافعي. انتهى.
وأما الأيام الثلاثة التي تشك زوجتك في قضائها فإنه يلزمها أن تقضيها لتبرأ ذمتها بيقين، وانظر في الفتوى رقم: 23745. ثم إن أخرت القضاء عن رمضان التالي لعذر الحمل فليس عليها إلا القضاء حين تتمكن منه، وإن أخرت القضاء لغير عذر حتى دخل رمضان التالي فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه لفتوى جماعة من الصحابة بذلك وهذا مذهب الجمهور.
والله أعلم.