عنوان الفتوى : أدلة من يرى جواز دخول الحائض والجنب المسجد

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما هي الأدلة التي استدل بها من يرى جواز دخول الحائض والجنب المسجد؟.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان مرادك السؤال عن حجة من جوز اللبث في المسجد مطلقا: وهم الظاهرية والمزني من الشافعية، فإنهم احتجوا بالأصل وهو جواز المكث ولم ينهض عندهم دليل على المنع، واحتجوا كذلك بمكث أهل الصفة في المسجد وببعض وقائع الأحوال كخبر المرأة التي كانت تقم المسجد وقصة ذات الوشاح ونحوها ممّا يدل على جواز مكث الرجال والنساء في المسجد من غير تفصيل، واحتجوا كذلك بما سنورده في كلام النووي ـ إن شاء الله ـ وإن كان المراد السؤال عن حجة من جوز العبور من غير مكث، فحجتهم ظاهرة وهي قوله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا{النساء 43}.

 وتفصيل مذاهب العلماء وسياق أدلتهم قد أتقنه أبو زكريا النووي ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ فقال في شرح المهذب: مذهبنا أنه يحرم عليه المكث في المسجد جالسا أو قائما أو مترددا أو على أي حال كان متوضأ كان أو غيره، ويجوز له العبور من غير لبث سواء كان له حاجة أم لا؟ وحكي ابن المنذر مثل هذا عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومالك، وحكي عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه واسحاق ابن راهويه أنه لا يجوز له العبور إلا أن لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر، وقال أحمد يحرم المكث ويباح العبور لحاجة ولا يباح لغير حاجة قال: ولو توضأ استباح المكث: وجمهور العلماء على أن الوضوء لا أثر له في هذا، وقال المزني وداود وابن المنذر يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقا وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن أسلم، وأحتج من أباح المكث مطلقا بما ذكره ابن المنذر في الإشراف وذكره غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلم لا ينجس. رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة.

 وبما احتج به المزني في المختصر واحتج به غيره أن المشرك يمكث في المسجد فالمسلم الجنب أولى: وأحسن ما يوجه به هذا المذهب أن الأصل عدم التحريم وليس لمن حرم دليل صحيح صريح.

واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابرى سبيل.

 قال الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم: قال بعض العلماء بالقرآن: معناها لا تقربوا مواضع الصلاة، قال الشافعي وما أشبه ما قال بما قال، لانه ليس في الصلاة عبور سبيل إنما عبور السبيل في موضعها وهو المسجد، قال الخطابي وعلى ما تأولها الشافعي تأولها أبو عبيدة معمر بن المثني قال البيهقى في معرفة السنن والآثار وروينا هذا التفسير عن ابن عباس قال: وروينا عن جابر قال: كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب وعن أفلت بن خليفة عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء النبي صلى الله عليه وسلم وبيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. رواه أبو داود وغيره. انتهى.

 وحديث: إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ـ حسنه ابن القطان وابن سيد الناس وسكت عنه أبو داود وقد نص في رسالته لأهل مكة على أن كل ما سكت عليه فهو صالح، ومن ثم فأعدل الأقوال في المسألة ـ إن شاء الله ـ هو القول بمنع الجنب والحائض من المكث في المسجد وجواز العبور لهما إذا أمنت الحائض تلويث المسجد.

ومما يستدل به على جواز مرور الحائض في المسجد من غير مكث أنها في معنى الجنب ولأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة: أن تناوله الخمرة من المسجد، فقالت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك.

 أخرجه مسلم.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يحل للمرأة أن تدخل المسجد وهي حائض أو نفساء، أما المرور فلا بأس إذا دعت إليه الحاجة وأمن تنجيسها المسجد، لقول الله تعالى: ولا جنبا إلا عابري سبيل.

والحائض في معنى الجنب، ولأنه صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تناوله حاجة من المسجد وهي حائض.

والله أعلم.