عنوان الفتوى : خلع النقاب في بلاد الغرب لخوف الأذى
أنا مهندس مصري وعندي بعثة لهولندا للدراسة لمدة سنتين ـ لدراسة الدكتوراة ـ و معي أسرتي، هل يمكن لزوجتي أن تخلع النقاب هنا لما نتعرض إليه من نظرات الاستغراب و الخوف من بعض الأطفال و حتى نتمكن من إرسال ابنتي الصغيرة للمدرسة؟ حيث إنني أخاف على زوجتي من تعرض بعض المتعصبين لها بالاذى، كما حدث أخيرا بألمانيا، حيث قتل بعض العنصرين سيدة بسبب ارتداء الحجاب، مع العلم أننا متمسكون أشد التمسك بالحجاب والزي الاسلامي. سمعنا الكثر من الفتاوى لأهل المهجر بخصوص جواز خلع النقاب، استنادا إلى قوله تعالي: ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، والأذى يحدث في هذه البلاد بارتداء النقاب و قد تزيد معه النظرة السيئة للإسلام و المسلمين، خاصة وأن الكثير من الأطفال الهولنديين يفزعون عند رؤية النقاب، وزوجتي هي الوحيدة التي ترتديه في هذه المدينة مما يجعلني في غاية القلق عليها أن يحدث لها مكروه أثناء غيابي في عملي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز لزوجتك أن تخلع النقاب لأجل هذه الأسباب المذكورة، لأن النقاب فرض متحتم على المرأة على الراجح من كلام أهل العلم، خصوصا في مثل هذه الأزمان التي بلغ فيها الفساد المدى وجاوز الحد، وقد بينا وجوب النقاب على المرأة في الفتوى رقم: 4470
إضافة إلى أن خلع النقاب لن يدفع عن زوجتك ما تخافه من أذى هؤلاء القوم إن أرادوها – لا قدر الله - بسوء، لأن عداوة الكافرين للمسلمين لا تتوقف على النقاب ولا غيره، ولكم سمعنا عن حوادث اعتداء على المسلمين في بلاد الكفر تمت لمجرد لون البشرة، وأكبر دليل على ذلك ما ذكرت من أمر هذه المرأة المسلمة التي قتلت داخل قاعة المحكمة في ألمانيا فإنها لم تكن منتقبة، ولكنها ذبحت بهذه الطريقة الهمجية واتهمت بالإرهاب والتطرف لمجرد تغطية شعرها.
ثم إنا ننبهك على أن المحافظة على الدين هي أعظم مقصود للمسلم وأنه ينبغي التضحية في سبيل ذلك بما دونه من الأمورالدنيوية, فإن كانت دراستك في مثل هذه البلاد ستقودك إلى التخلي عن بعض شرائع الدين، فإنا ننصحك بترك هذه الدراسة والبحث عن مكان آخر في بلد مسلم تتم فيها دراستك، وراجع حكم الدراسة في بلاد الكفر في الفتاوى التالية أرقامها: 34751, 20969, 31862, 76312.
أما إن كنت تقدر على توقي هذه الفتن وتحققت فيك شروط السفر المذكورة في الفتاوى المحال عليها فلا مانع من السفر لإكمال دراستك، وحينئذ فإن تحققت أو غلب على ظنك أن النقاب سيجلب على زوجتك الأذى فلا مانع من خلعها له دفعا لهذا الضرر، ولكن عليها حينئذ أن تقلل خروجها للشارع قدر المستطاع تقليلا للمفسدة الحاصلة بخروجها كاشفة لوجهها .
أما الاستدلال بهذه الآية على خلع النقاب فهو استدلال في غير محله، لأن الآية الكريمة ترشد المؤمنات إلى الحشمة والحجاب ليتميزن بذلك عن الفاجرات، فلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، لأن أهل الفجور والشهوات إذا قابلوا امرأة محتشمة محجبة فإنهم يهابونها ولا يجرؤون على مراودتها أو التحرش بها، أما إذا وجدوا امرأة متهتكة متبرجة فإنهم يطمعون فيها، قال الألوسي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية: وقال أبو حيان : أي ذلك أولى أن يعرفن لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ولا يلقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها، بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها. انتهى.
والله أعلم.