عنوان الفتوى : الصوفية وأهل السنة والجماعة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

كنا نتناقش أنا وصديق لي في مسألة الصوفية والفرق الإسلامية المتعددة فكان رأيي أن مذهب أهل السنة والجماعة هو فقط الصواب، وهو يقول إن هناك بعض الفرق الموجودة حالياً أيضا على صواب وما يفعلونه جائز مثل بعض أصحاب الطرق الصوفية ،وحاولت إقناعه أن كل هذه المسائل تعد من البدع على الأقل أن يسمي الشخص نفسه جعفريا أو شاذليا أو غير ذلك لأنه ببساطه لم يسم أي أحد نفسه ـ مع الفارق طبعاًـ محمديا أو صديقيا أو عمريا في عهد الصحابة أو التابعين, وعجزت عن إقناعه لأنه متشبث برأيه بشكل غريب . فهل من الممكن أن توجهوا لي وله كلمة تبينوا لنا فيها من المصيب ومن الخطأ ولماذا ؟ وجزاكم الله كل الخير.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجواب قد حسمه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: وتفترق أمتي على ثلاث و سبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، ما أنا عليه و أصحابي. رواه الترمذي وحسنه الألباني.

قال المناوي في فيض القدير: ما أنا عليه من العقائد الحقة والطرائق القويمة وأصحابي فالناجي من تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واقتدى بسيرهم في الأصول والفروع.

وقال عليه الصلاة والسلام: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة. رواه أبو داود وأحمد وصححه الألباني.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله حيث قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدى محمد على هدى كل أحد، وبهذا سموا أهل الكتاب والسنة، وسموا أهل الجماعة، لأن الجماعة هي الاجتماع، وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسما لنفس القوم المجتمعين، والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين. وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين، والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة. مجموع الفتاوى 3/157

وبذلك يتضح أن أهل السنة والجماعة بحق هم الذين يتبعون السنة وما اجتمع عليه سلف الأمة، هم أهل الصواب دون غيرهم من الفرق الإسلامية المخالفة للسنة.

والمتصوفة على أغلب أحوالهم الآن ليسوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإن كان في المتقدمين منهم من كان محققا لمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 322، وانظر أيضا لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 596، ورقم: 8500.

 أما بخصوص التسميات والنسب فلا حرج فيها إذا كانت بقصد التعريف، ما لم يوال ويعاد عليها، وإنما الحرج فيما تشتمل عليه مناهج المسميات والمنسوبات من مخالفات لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس لأحد أن يعلق الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة ... واللعن بغير الأسماء التي علق الله بها ذلك، مثل: أسماء القبائل والمدائن والمذاهب والطرائق المضافة إلى الأئمة والمشايخ ونحو ذلك مما يراد به التعريف.

وقال: فذكر الأزمان والعدل بأسماء الإيثار والولاء والبلد والانتساب إلى عالم أو شيخ إنما يقصد بها التعريف به ليتميز عن غيره، فأما الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة فإنما تكون بالأشياء التي أنزل الله بها سلطانه، وسلطانه كتابه فمن كان مؤمنا وجبت موالاته من أي صنف كان، ومن كان كافرا وجبت معاداته من أي صنف كان... مجموع الفتاوى 28/ 227، 228

والله أعلم.