عنوان الفتوى : لا يجتهد في معرفة القبلة من يستطيع معرفتها بخبر الثقة
كنت أصلي في بيت جديد، ولا أعرف القبلة، ثم بعد الركعة الأولى جاءني صديقي وغير اتجاهي للقبلة، وكانت مخالفة تماما للقبلة الأولى التي كنت عليها. فما حكم الركعة الأولى هل تعاد أو لا تعاد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة، لقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ {البقرة: 144}.
وقد كان الواجب عليك أن تصلي إلى جهة الكعبة بالعلامة التي تدل عليها كالمحاريب المنصوبة في بلاد المسلمين، أو بإخبار الثقة ما دام يمكنك التوصل إليها بخبره، ولا يجوز الاجتهاد والحال هذه كما نص على ذلك أهل العلم، فضلا عن الصلاة اتفاقا بغير اجتهاد أصلا، كما حصل منك فيما يظهر.
قال ابن قدامة رحمه الله: قال أصحابنا: الناس في استقبال القبلة على أربعة أضرب، .... إلى أن قال الثاني من فرضه الخبر وهو من كان بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها، ووجد مخبرا يخبره عن يقين أو مشاهدة مثل أن يكون من وراء حائل، وعلى الحائل من يخبره أو كان غريبا نزل بمكة فأخبره أهل الدار، وكذلك لو كان في مصر أو قرية، ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة، فجرى ذلك مجرى الخبر فأغنى عن الاجتهاد، وإن أخبره مخبر من أهل المعرفة بالقبلة إما من أهل البلد أو من غيره صار إلى خبره، وليس له الاجتهاد كما يقبل الحاكم النص من الثقة ولا يجتهد. انتهى
وقال الشيرازي في المهذب: وإن كان لم يحضره البيت نظر، فإن عرف القبلة صلى إليها، وإن أخبره من يقبل خبره عن علم قبل قوله، ولا يجتهد كما يقبل الحاكم النص من الثقة ولا يجتهد، وإن رأى محاريب المسلمين في بلد صلى إليها ولا يجتهد. انتهى.
وبه تعلم أن ما فعلته من الإقدام على الصلاة من غير تبين جهة القبلة خطأ منك، وقد كان يجب عليك ذلك؛ إما بالنظر إلى أحد المحاريب المنصوبة في البلد، أو بسؤال من يعرف القبلة بعلم كصديقك هذا أو غيره، ومن ثم فصلاتك هذه غير صحيحة؛ لأنها فقدت شرطا من شروط الصحة وهو استقبال القبلة في بعضها، فيلزمك إعادتها فإنها دين في ذمتك لا تبرأ إلا بفعلها لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والله أعلم.