عنوان الفتوى : حكم من وجد على بدنه نجاسة بعد الصلاة
وجدت نجاسة في دبري هي أقل بكثير من حبة الشعير، مع العلم أنني لم أجد أثرا في الثوب أو رائحة وذلك كله أثناء دخولي للحمام للتبول. أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه النجاسة التي وجدتها في دبرك لا تخلو من أحد حالين، فإما أن تكون بقيت في الدبر بعد الاستنجاء ولم تكن أزلتها ومن ثم فالواجب عليك إزالتها، ولا يلزمك إعادة ما صليته من صلوات مع وجود هذه النجاسة، لأن اجتناب النجاسة وإن كان من شروط صحة الصلاة لكن الراجح أنه شرط مع العلم والقدرة، فمن كان في بدنه أو ثوبه نجاسة يجهل وجودها أو يعجز عن إزالتها فصلاته صحيحة على الراجح وانظر الفتوى رقم: 111752. ولكن ههنا أمر مهم لا بد من التنبيه عليه وهو أن من يشترط تقدم الاستنجاء على الوضوء يقول ببطلان وضوئك في هذه الحال، لأنه تقدم على الاستنجاء وهذا المشهور من مذهب الحنابلة، وإن كان الراجح مذهب الجمهور وهو أنه ليس من شرط صحة الوضوء أن يتقدمه استنجاء أو استجمار.
قال في حاشية الروض المربع: لا يصح وضوء قبل الاستنجاء بماء أو حجر ونحوه إذا كان على المخرج نجاسة اختاره الأكثر، وقال الشيخ هذا الأشهر، لأنه طهارة يبطلها الحدث فاشترط تقديم الاستنجاء عليها، ولا يصح تيمم لأنه لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة، ولا تباح مع قيام المانع، وظاهره سواء كان التيمم عن حدث أصغر أو أكبر أو نجاسة، وعنه يصح الوضوء وفاقا، وجزم به في الوجيز قال في مجمع البحرين: هذا أقوى الروايتين، واختاره الموفق والشارح وغيرهما وصححه في النظم والتصحيح وغيرهما وكذا التيمم قياسا على الوضوء. انتهى.
والاحتمال الثاني هو أن تكون هذه النجاسة قد خرجت بعد وضوئك، ومن ثم فقد بطل هذا الوضوء، لأنه ينتقض بكل خارج من السبيلين ولو قل، وعليه فقد كان الواجب عليك أن تتوضأ بعد دخول وقت الصلاة بعد أن تزيل تلك النجاسة وتصلي، وما صليته من صلوات قبل إزالة تلك النجاسة وإعادة الوضوء فالواجب عليك إعادتها لأنها وقعت باطلة لافتقادها شرط الطهارة، فإن شككت ولم تدر أي ذلك كان فحكمك حكم من تيقن الطهارة والحدث وشك أيهما أسبق، فتعمل بضد حالك التي كنت عليها قبلهما إن علمته، فإن جهلته فالأصل الحدث لا الوضوء.
قال في الروض المربع: فإن تيقنهما. أي تيقن الطهارة والحدث وجهل السابق منهما فهو بضد حاله قبلهما إن علمها، فإن كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث، وإن كان محدثا فهو الآن متطهر، لأنه قد تيقن زوال تلك الحالة إلى ضدها وشك في بقاء ضدها وهو الأصل، وإن لم يعلم حاله قبلهما تطهر.
هذا عن حكم هذه النجاسة في البدن، وأما ثوبك فلا يجب عليك تطهيره ما دمت لم تر فيه أثرا للنجاسة ولم يغلب على ظنك تنجسه.