عنوان الفتوى : القدر لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب
سؤالي بارك الله فيكم في ما يتعلق بالقدر، هذه امرأة حملت وهي لا زالت مرضعة، ولا يمكنها فطم الرضيع وحالتها الصحية لا تمكنها أن تحمل بعد، فهي لا زالت متعبة بالوليد الجديد، فقامت بعملية إجهاض وأزالت الجنين الذي لم يتجاوز 10 أو 15 يوما من الحمل، فقالت لها أختها ما كان لك أن تفعلي هذا، فإن قدر الله كله خير، وإن قدر الله لك هذا الجنين ففيه خير، وعاتبتها على ما فعلت، وحجتها أن قدر الله كله خير. وبالتالي ما كان لها أن تنزعه، مع العلم أن هذه الفتاة وزوجها استندا على فتوى في موقع إسلام سؤال وجواب تحت عنوان: حكم إسقاط الجنين قبل الأربعين لئلا يتوالى الحمل. فالرجاء التوضيح في مسألة القدر والاحتجاج بالقدر على عدم الأخذ بالأسباب النافعة، واجتناب ما يضر بالإنسان ما دام يمكنه ذلك. وبارك الله فيكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما اعتمد عليه السائل الكريم من الفتوى المشار إليها اعتماد صحيح، يرفع عنه الحرج، وما جاء فيها إن لم يكن هو الراجح فلا أقل من أنه قول معتبر من أقوال أهل العلم قديما وحديثا، وقد قدمنا أن القول بجواز الإجهاض في الأربعين الأولى إذا كان هناك عذر ومصلحة هو الراجح، وراجع في ذلك الفتويين: 8781 ، 65114. هذا بالنسبة للحكم الشرعي.
أما بالنسبة لمسألة الاحتجاج بالقدر فبإمكان زوجتك أن تحتج على أختها بالحجة نفسها، فهذا الإجهاض الذي حصل إنما هو بقدر الله تعالى، وقدره سبحانه كله خير.
وخلاصة الأمر أن المسلم المأمور بالإيمان بالقضاء والقدر، مأمور كذلك بالحرص على ما ينفعه والأخذ بأسباب صلاح معاشه ومعاده، فالقدر لا يتعارض مع الأخذ بالأسباب؛ لأن الله تعالى الذي قدر مقادير كل شيء قدرها بأسبابها، فالأسباب من قدر الله تعالى، وقد أمرنا الله بالأخذ بالأسباب ومكننا منها، وجعل فينا المقدرة عليها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 78470.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1803 ، 16967 ، 11479.
والله أعلم.