عنوان الفتوى : لا مانع من الإتيان بتعاريف متنوعة للإسلام متضمنة التعريف به
إخوتي الأعزاء, لقد سألني أحدهم ما هو الإسلام؟ فقلت له: إن الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأن تسلم نفسك وتنقاد لطاعته. فرد عليّ قائلا: إن الإسلام بني على خمس، وذكر ركائزه من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة. لكنه عاد وقال إن هذا ليس هو الإسلام إذ أن نص الحديث واضح فركائز الإسلام شيء والإسلام شيء آخر. فما هو الإسلام ؟ تركني هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأخبر أنه لا يقبل من أحد سواه، ومعناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والسلامة من الشرك، فهو بذلك دين جميع الأمم االسابقة من المؤمنين، ولا يقتصر على أتباع خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هو اسم للدين الذي أنزله الله على الأنبياء جميعا، ولكن شرف الله هذه الأمة بأن سمى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالمسلمين لا بمسمى آخر كاليهود الذين نسبوا إلى قولهم: هدنا، أي تبنا، وكالنصارى الذين نسبوا إلى الناصرة بلدة بفلسطين، ونحو ذلك. كما سبق بيانه في الفتويين: 5935، 25251.
وقد قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ. {آل عمران: 19}. وقال: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ. {آل عمران: 85}. وقال: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً. {النساء: 125} وقال: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا .{الحج: 78}. أي في الكتب السابقة، وفي هذا القرآن.
وتعريف الإسلام بأركانه تعريف صحيح أيضا، كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال صدقت. رواه مسلم.
ولا يتعارض هذا مع كون هذه الخمس هي مباني الإسلام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان. متفق عليه.
قال النووي: هَذَا الْحَدِيث أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعْرِفَة الدِّين وَعَلَيْهِ اِعْتِمَاده وَقَدْ جَمَعَ أَرْكَانَهُ. اهـ.
وقد ذكر الدكتور عبد الكريم زيدان كلا التعريفين للإسلام وذكر معهما أربعة تعريفات أخرى للإسلام، في كتابه أصول الدعوة ثم قال: ومما تجب ملاحظته أن ما ذكرناه من تعاريف متنوعة للإسلام إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر، إذ يمكن الإتيان بتعاريف أخرى بعبارات متنوعة، ولا مانع من ذلك بشرط أن يكون مضمون التعريف صحيحاً ومنطبقاً على معنى الإسلام. وملاحظة ثانية، أن هذه التعاريف التي ذكرناها كلها صحيحة ولا تناقض فيما بينها ولا اختلاف، لأن كل واحد منها يستلزم أو يتضمن ما في التعريف الآخر. اهـ.
والله أعلم.