عنوان الفتوى : قراءة الحائض القرآن من كتب التفاسير أو ذاكرة المحمول
هل يجوز للمرأة الحائض أن تقرأ القرآن من كتب التفسير حتى لا تمس المصحف، وهل يجوز للحائض قراءته كأذكار مثلا كقراءة سورة الملك قبل النوم آو آيه الكرسي إذا كانت القراءه مثلا من ذاكرة التليفون المحمول؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهاهنا مسائل لا بد من بيانها ، أولاً : قراءة القرآن للحائض عن ظهر قلبٍ ، أو في غير المصحف محل خلاف بين أهل العلم ، وأكثر العلماء على منعها من القراءة ، وذهب مالك وأحمد في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن باز إلى جواز أن تقرأ الحائض القرآن ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ليس في منع الحائض من القراءة نصوص صريحة صحيحة ، وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن ، كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء" انتهى.
وقال ابن القيم: ومن هذا جواز قراءة القرآن لها وهي حائض إذ لا يمكنها التعوض عنها زمن الطهر لأن الحيض قد يمتد بها غالبه أو أكثره فلو منعت من القراءة لفاتت عليها مصلحتها وربما نسيت ما حفظته زمن طهرها وهذا مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولى الشافعي والنبي صلى الله عليه وسلم - لم يمنع الحائض من قراءة القرآن وحديث: لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن. لم يصح فإنه حديث معلول باتفاق أهل العلم بالحديث. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 121349.
ثانياً: مس كتب التفسير وما في معناها مما ليس بمصحف كذاكرة المحمول لا بأس به للمحدث ، سواء كان حدثه حدثاً أكبر أو أصغر ، لأنها لا تُسمى مصحفاً ، قال العلامة العثيمين في الشرح الممتع: وأمَّا كُتُب التَّفسير فيجوز مَسُّها؛ لأنها تُعْتَبر تفسيراً، والآيات التي فيها أقلُّ من التَّفسير الذي فيها. ويُسْتَدَلُ لهذا بكتابة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم الكُتُبَ للكُفَّارِ، وفيها آيات من القرآن، فدلَّ هذا على أن الحُكْمَ للأغلب والأكثر. أما إِذا تساوى التَّفسير والقُرآن، فإِنَّه إِذا اجتمع مبيحٌ وحاظرٌ ولم يتميَّز أحدُهما بِرُجْحَانٍ، فإِنه يُغلَّب جانب الحظر فيُعْطى الحُكْمُ للقرآن. وإن كان التَّفسير أكثر ولو بقليل أُعْطِيَ حُكْمَ التَّفسير. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 2224.
وبهذا تعلمين أنه يجوزُ للحائض أن تقرأ القرآن من ذاكرة المحمول ، أو من كتب التفسير ولا حرج عليها في ذلك ، قال العلامة ابن باز رحمه الله: لا حرج على الحائض والنفساء في قراءة كتب التفاسير ولا في قراءة القرآن من دون مس المصحف في أصح قولي العلماء. انتهى.
ثالثاً: الذين يمنعون الجنب والحائض من القراءة كالمتفقين على منعهما من قراءة الآية الكاملة ، كآية الكرسي ، والسورة بكمالها أولى بالمنع ، وأكثرهم يمنعون من قراءة بعض آية بنية قراءة القرآن ، قال ابن قدامة في المغني: ويحرم عليهم قراءة آية . فأما بعض آية ; فإن كان مما لا يتميز به القرآن عن غيره كالتسمية ، والحمد لله ، وسائر الذكر ، فإن لم يقصد به القرآن ، فلا بأس ; فإنه لا خلاف في أن لهم ذكر الله تعالى ، ويحتاجون إلى التسمية عند اغتسالهم ، ولا يمكنهم التحرز من هذا، وإن قصدوا به القراءة أو كان ما قرؤوه شيئا يتميز به القرآن عن غيره من الكلام ، ففيه روايتان : إحداهما ، لا يجوز ، وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن الجنب يقرأ القرآن ؟ فقال : لا ، ولا حرفا . وهذا مذهب الشافعي لعموم الخبر في النهي ; ولأنه قرآن ، فمنع من قراءته ، كالآية . والثانية لا يمنع منه ، وهو قول أبي حنيفة. انتهى.
وقد تقدم ما هو الراجحُ في المسألة ، وأن الحائض ليست كالجنب في المنع من القراءة، وقد صرح بعض من منعها من القراءة بجواز قراءة الأذكار من القرآن بنية الأذكار كما قال به فقهاء الشافعية.
رابعاً: قراءة آية الكرسي وسورة الملك قبل النوم من الأمور المشروعة. وانظري الفتوى رقم 65793، والفتوى رقم: 110993.
والله أعلم.