عنوان الفتوى : نذرت أن تصوم بدون استئذان زوجها
نذرت زوجتي أنها إن سهلت عملية الولادة في ابنتي ستصوم كل يوم اثنين وخميس مدى العمر، وقد سهلت عملية الولادة، علما بأنها لم تستشرني في نذرها هذا. فما الحكم هل عليها أن تصوم أم تدفع فدية عن كل يوم يجب أن تصومه أم تترك الأمر وتستغفر الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يكن ينبغي لزوجتك أن تنشئ هذا النذر دون أن تستأذنك، وما دامت قد فعلت فإن أذنت لها في الوفاء بالنذر وجب عليها الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.أخرجه البخاري.
وإنما مُنعت من الوفاء به لأجل حقك، فإن أذنت لها فلا مانع، وأما إن لم تأذن لها، وأردت منعها من الوفاء بالنذر فهذا جائزٌ لك، ولا يجوزُ لها الوفاء بهذا النذر إذا منعتها لتقدم حقك على النذر.
جاء في حاشية الدسوقي: قوله: وإن أذن لعبد أو امرأة إلخ. حاصله أن السيد إذا أذن لعبده الذي تضر عبادته بعمله أو لزوجته التي يحتاج لها في نذر عبادة من اعتكاف، أو صوم، أو إحرام في زمن معين فنذراها فليس له بعد ذلك منع الوفاء بها، وإن لم يدخلا في تلك العبادة بأن لم يحصل دخول المعتكف، ولا تلبس بالصوم، ولا بالإحرام، بل حصل النذر خاصة إلا أن يكون النذر الذي أذنا فيه مطلقا غير مقيد بأيام معينة فله المنع ولو دخلا في العبادة، ومن باب أولى ما إذا نذرا بغير إذنه معينا أم لا. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وما أوجبته المرأة على نفسها بنذر، فإن كان بغير إذنه فله أن يمنعها منه، وهذا باتفاق. وإن كان بإذنه، فإن كان في زمان معين فليس له منعها منه. وإن كان في زمان مبهم، فله المنع عند المالكية إلا إذا دخلت فيه، وهو على وجهين عند الشافعية والحنابلة. انتهى.
فإن منعتها من الوفاء بهذا النذرِ فعليها قضاؤه متى قدرت، وزال المانع، قال أبو الوليد الباجي: وأما ما يتعلق بجسدها كالصلاة والصيام والحج فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يضر بالزوج ككثير الصيام والحج.
والثاني: لا يضر به كصلاة ركعتين وصيام يوم، فإن كان ذلك يضر بزوجها منعها منه، لأن حقه قد تعلق بالاستمتاع بها، فليس لها أن تأتي بما يمنع منه، ولكن ذلك يبقى بذمتها حتى تجد إلى أدائه السبيل. انتهى.
وهل تلزمها كفارة يمينِ لفوات التعيين أو لا؟ في ذلك قولان للعلماء، فقياسُ مذهب الحنابلة وجوبها، ومذهب الجمهور أنها لا تجب، قال ابن قدامة في المغني: الحال الثاني، أفطر لعذر، فإنه يبني على ما مضى من صيامه، ويقضي ويكفر. هذا قياس المذهب.
وقال أبو الخطاب: فيه رواية أخرى، أنه لا كفارة عليه. وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي عبيد ; لأن المنذور محمول على المشروع، ولو أفطر رمضان لعذر لم يلزمه شيء. ولنا: أنه فات ما نذره، فلزمته كفارة ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأخت عقبة بن عامر: ولتكفر يمينها. وفارق رمضان ; فإنه لو أفطر لغير عذر، لم تجب عليه كفارة إلا في الجماع. انتهى.
فإن عجزت عن الوفاء والقضاء، فلا يلزمها إلا كفارة يمين، لقوله صلى الله عليه وسلم: كفارة النذر كفارة يمين. أخرجه مسلم.
وقد بينا حكم النذر المعلق على شرط، وأنه مكروه في الفتوى رقم: 106240.
والله أعلم.