عنوان الفتوى : لا تمضي الوصية للوارث إلا برضا الورثة
توفيت قريبة لنا، و يرثها زوجها وثلاثة أبناء وبنتين، و كانت توصي دائما أمام الجميع أن ذهبها لبنتيها حيث تركت خمسة أساور رقيقة وسوار غليظ وسلسلة بها كتاب. فهل تجوز الوصية للوارث، وإن كان لا فكيف تقسم على الورثة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فوصية المرأة بالأساور لابنتها وصية لا عبرة بها، لأنها وصية لوارث وهي ممنوعة شرعا، ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بإمضائها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود، ورواه الدارقطني. وزاد: إلا أن يشاء الورثة. فلا تمضي الوصية إلا برضا الورثة، ويشترط لصحة رضا الوارث أن يكون بالغا رشيدا، فمن كان صغيرا أو غير رشيد فلا عبرة برضاه، ويبقى حقه محفوظا، وإن رضي بعضهم وامتنع بعضهم مضت الوصية في نصيب من رضي، فيسقط حقه من الميراث في الأساور.
وإذا توفيت المرأة عن زوج وثلاثة أبناء وابنتين ولم تترك وارثا غيرهم كأب أو أم أو جد أو جدة، فإن لزوجها الربع، لقول الله تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء: 12} والباقي يورث تعصيبا للأبناء والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}. فقتسم التركة على 32 سهما، للزوج ربعها 8 أسهم، ولكل ابن 6 أسهم، ولكل بنت 3 أسهم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.