عنوان الفتوى : تجديد الوضوء وصلاة عدة صلوات بوضوء واحد
يا شيخ إذا خرجت من البيت متوضئة لصلاة الصبح وأذن الظهر ووضوئي لم ينقض، فكيف أجدد الوضوء بدون أن أتوضأ مرة أخرى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمقصودك من السؤال غير واضح، لكن اعلمي أن صلاة أكثر من فرض بوضوء واحد جائزة، ما لم تنتقض الطهارة، فإذا دخل عليكِ وقت الصلاة الثانية، وأنت متوضئة جاز لكِ أن تُصلي الصلاة الثانية، بوضوئكِ هذا من غير تجديد وضوء، والمستحبُ لكِ أن تجددي الوضوء وإن كنتِ متوضئة لما في ذلك من متابعة السنة، وفي ذلك تمام الأجر والمثوبة.
فقد روى مسلم في صحيحه من حديث بريدة رضي الله عنه قوله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر: يا رسول الله: إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمداً فعلته يا عمر. فدل هذا الحديث على جواز صلاة أكثر من فرضٍ بوضوءٍ واحد. ونقل النووي في شرح مسلم إجماع من يُعتد به على ذلك، وعلى أن السنة الوضوء لكل صلاة لأنه الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم.
قال النووي: وأما قول عمر رضي الله عنه: صنعتَ اليوم شيئا لم تكن تصنعه ؟ ففيه تصريح بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الوضوء لكل صلاة عملا بالأفضل، وصلى الصلوات في هذا اليوم بوضوء واحد بيانا للجواز كما قال صلى الله عليه وسلم: عمدا صنعته يا عمر. انتهى.
ويدل لذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد بسند حسن: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك، وعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قيل له فأنتم كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث. رواه الجماعة إلا مسلما.
وأما تجديد الوضوء من غير أن تتوضئي فكلامٌ متناقض، لا يُعقل معناه، فإن ثواب تجديد الوضوء لا يحصلُ إلا لمن جدد الوضوء بالفعل.
والله أعلم.