عنوان الفتوى : مسائل حول الغسل وكيفية دفع الوسوسة فيه
أصبت بمرض الوسواس القهري، والحمد لله على كل حال. والمشكلة الكبرى لدي الآن هي في غسل الجنابة، حيث إنني دائماً أشك في صحة الغسل، وعندما أرجع إلى كتب الفقه القديمة لا أجد بها ما أستطيع دفع الوسواس عن نفسي به، خاصة وأننا في هذه الأيام نغتسل بأدوات مختلفة عما كانوا يفعلونه قديما، لذا أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة على الأسئلة أدناه بما يتوافق مع طريقة الغسل الحديثة والتي تكون باستخدام الدوش عل ذلك يكون سبباً في دفع الوسواس عني وعن أمثالي ممن ابتلوا بهذا المرض. 1- عند الاغتسال، هل يشترط أن أقوم بإدخال الماء داخل الأذن، وهل يكفي في غسل الأذن إمرار الأصبع وهي مبتلة بالماء على غضاريفها الخارجية فقط؟ 2- قرأت أنه يجب أن يصل الماء إلى ما بين الإليتين في الغسل مع أن ذلك لم يرد في نص حديث النبي صلى الله عليه وسلم الوارد فيه صفة الغسل، فكيف أقوم بذلك وأنا مطمئن إلى وصول الماء إلى هذه المنطقة أثناء الاغتسال باستخدام الدوش، وهل يجب إيصال الماء إلى فتحة الشرج، حيث إنني أحيانا ومع الوسواس أضطر إلى استخدام الشطاف الخارجي ويكون اندفاع الماء فيه شديد جدا مما قد يؤدي إلى الأذي الصحي، بما أنني أبالغ في الغسل به من جراء الوسواس؟ 3- هل يجب أن أقوم بتخليل شعر الرأس واللحية في الغسل، وكذلك أصابع اليدين والقدمين، وكيف يحصل هذا التخليل الذي يمكن أن أطمئن به إلى أن الماء وصل إلى أصول الشعر؟ 4- عند غسل الذكر -وهو يكون بالطبع في حالة ارتخاء- هل يجب دلكه أو شده، أم يكفي أن أقوم بتوجيه الدش إليه مثلا مع عدم الدلك أو مسه، مع العلم بأني أكون قبل ذلك قد أزلت الأذى الذي كان عليه؟ 5- هل يجوز لدفع الوسواس أن أقوم بغسل رأسي مثلا، أوأي عضو بالصابون أولا، ثم إفاضة الماء عليه بعد ذلك حتى يكون ذهاب الصابون دليلا لنفسي على التأكد من وصول الماء إلى العضو، هل يكون الغسل صحيحا ومجزئا إذا قمت به بهذه الكيفية؟ 6- قرأت كثيرا وعلى أكثر من موقع أن العلاج الناجح للوسواس هو الإعراض عنه وعدم الالتفات إليه، ولكني أجد في نفسي حرجاً شديدا وخوفا كبيرا إذا اعتراني الشك أثناء أوبعد الغسل من أنني إذا أعرضت عن ذلك يكون ذلك تقصيرا مني، وبالتالي لا تصح العبادة بذلك، وما يترتب عليها من صلاة مثلا، فهل يجوز ألا ألتفت إلى ما في نفسي من هذا الشك مهما كانت قوته وحجمه وتكون العبادة صحيحة ومجزئة مع ذلك، علماً بأني قد أتعمد التجاهل لدفع الوسواس، فهل لا يعد ذلك تقصيرا تبطل العبادة به، ولو فرض أنه بالفعل كانت هناك جزئية لم يصل الماء إليها فهل يحاسب الله العبد على ذلك أم تكون عبادته صحيحة؟ جزاكم الله خير الجزاء، وجعلكم ممن يفرجون كربات المسلمين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجب بل لا يشرع إدخال الماء إلى داخل الإذن عند الاغتسال، وهذا الفعل لم يشرعه الله تعالى وفيه مضرة على الأذن، وانظر لكيفية غسل الأذن الفتوى رقم: 56042.
وأما إيصال الماء بين الأليتين وكونه لم يرد في الحديث، فإن الذي تدل عليه الأحاديث هو وجوب تعميم ظاهر الجسد بالماء، وما بين الأليتين داخل في ذلك لأنه من الجسد.
ولا يشرع إدخال الماء إلى فتحة الشرج لأنها ليست من ظاهر الجسد بل من داخله، وتخليل الأصابع يستحب ولا يجب في الغسل ولا في الوضوء، إلا إذا كانت الأصابع ملتفة بحيث لا يصل الماء إلى ما تحتها، وأما تخليل اللحية فواجب في الغسل في قول الجمهور، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 67322، ولا يجب عند غسل الذكر شده ولا غيره ذلك، والواجب هو إيصال الماء فقط، ويستحب دلك الجسد كله عند الغسل ولا يجب في قول جمهور أهل العلم.
ومن غسل جسمه بالصابون ثم صب الماء عليه ونوى بذلك الصب غسل الجنابة فغسله صحيح، وقد نص الفقهاء على أن الماء الطهور لا يضر تغيره بالأوساخ التي تكون على محل التطهير، ولا يشترط أن يزول عن محل التطهير غير متغير بها، وانظر الفتوى رقم: 13417.
وأعلم أخي أن علاجك في تطبيق ما ذكرته من الإعراض عن تلك الوساوس، فإن الله تعالى لم يكلفنا بالغسل ولا بغيره من الواجبات لنشقى، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع، وهو مقدار أربعة أمداد، والدين يسر ليس بعسر ولم يجعل الله علينا فيه من حرج، فأنت الذي تشق على نفسك ولم يشق عليك ربك جل وعلا، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 104255، والفتوى رقم: 15409.
والله أعلم.