عنوان الفتوى : أمور ليست من الكفر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عند كتابة رسالة من جوالي تظهر على الشاشة علامة صليب، فهل في استعمال هذه الخدمة كفر، وما هو الحكم بالنسبة لي إن استعملتها، وذلك بسبب وساوس في الطلاق المعلق على كتابة شيء في هذه الخدمة، وما هو حكم من سمع من شخص قولا شك في كونه كفراً فقال له أعد ما قلت؟ وما هو حكم من سمع من قال أنا من حزب كذا (ويكون هذا الحزب ديموقراطياً) في سياق مضحك فضحك، فهل في ذلك كفر.. في الحقيقة عندي أسئلة كثيرة من هذا النوع وكذلك وساوس في الطلاق فأرجو أن تعطوني ضابطا واضحا في هذه المسائل حتى لا أتجه مباشرة في كل مرة للسؤال؟ جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فليس في استعمال هذه الخدمة كفر بأي حال؛ فإنك لا تعظم الصليب ولا تعتقد عقيدة الصلب والفداء، بل إنك تكره حتى مجرد رؤيته، كما هو ظاهر السؤال، ويبقى النظر فقط في المشروعية، فإن كان بإمكانك إلغاء أو تغيير هذا الرمز من جوالك فلا يبقى إشكال، وإن لم تكن هناك إمكانية لتغييره فيكفيك - إن شاء الله - كراهية ذلك الرمز إن احتجت لكتابة رسالة فرأيته.. وإن استطعت أن تستبدل بهذا الجوال غيره مما لا يكون فيه ذلك الرمز فهو أولى، وراجع للفائدة في ذلك الفتوى رقم:8015.

وأما الطلاق المعلق على كتابة شيء في هذه الخدمة فلا يمكن الحكم عليه إلا إذا عرف لفظه بالضبط، وقد يحتاج الأمر إلى معرفة نية القائل وسبب يمينه..

وأما طلب إعادة الكلام المشكوك في كونه كفرا، فحكمه بحسب الغرض منه، فإن طلب الإعادة بغرض التبين والتثبت من الكلام، بحيث يتسنى له توجيه الرد المناسب من القبول أو الرد والتأييد أو النصح، فهذا محمود شرعا وعقلا، وإن كان هذا الطلب بعد معرفة الكلام والتأكد منه فيحرم هذا الطلب لما فيه من طلب سماع المنكر، وقد قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً {النساء:140}، وقال سبحانه: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام:68}.

ومن سمع من يقول: (هو من حزب كذا الديموقراطي) فيجب عليه أن ينصحه ويبين له خطأه؛ لما بين الديمقراطية والإسلام من الخلاف الجوهري، وقد سبق أن بينا معنى الديموقراطية وماهيتها في الفتوى رقم: 10238.

وعليه فلا يجوز الضحك عند سماع ذلك، إلا إذا كان على سبيل التلطف والتمهيد للإنكار، ولكنه على أية حال لا يصل إلى درجة الكفر، إلا إن كان الضحك على سبيل الإقرار والرضا بالديمقراطية بمعناها المخالف للشرع، وننبه السائل على أن الحكم بالكفر ليس بالأمر الهين، وقد سبق أن بينا ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، وأن من ثبت إسلامه بيقين فلا يزول إسلامه بالشك، وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية:721، 106396، 53835.

والظاهر أن السائل الكريم يعاني من شيء من الوسوسة في هذا الباب، فعليه أن يطرح هذه الأفكار ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا، فإن الوسوسة مرض شديد، فلا يفتح بابه على نفسه بالتعمق في ذلك، وكذلك الحال في الوسوسة بالطلاق، فإنه لا ينبني عليها حكم وينبغي ألا يلتفت إليها، كما سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 70594، 95053، 79113.

والله أعلم.