عنوان الفتوى : حكم قول الزوج لزوجته أنت فاجرة
حكم الشرع في رجل يقول لزوجته (أنت فاجرة)؟ وزوجة تقول لزوجها (بيني وبينك الله) في لحظة غضب. بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف العلماء فيمن قال لامرأة سواء كانت زوجته أو غيرها يا فاجرة، فذهب المالكية إلى أن هذا من القذف الموجب للحد، جاء في شرح الخرشي على خليل: وكذلك يحد من قال لامرأة: يا قحبة وهي الزانية، ولا فرق في ذلك بين زوجته والأجنبية، ومثله يا فاجرة يا عاهرة. انتهى.
وذهب الحنابلة إلى أنه يرجع إليه في تفسير هذا اللفظ، فإن فسره بالزنا فهو قذف وعليه الحد، وإن فسره بغير الزنا فلا حد عليه، جاء في المغني: وكلام الخرقي يقتضي أن لا يجب الحد على القاذف إلا بلفظ صريح لا يحتمل غير القذف وهو أن يقول: يا زاني أو ينطق باللفظ الحقيقي في الجماع، فأما ما عداه من الألفاظ فيرجع فيه إلى تفسيره لما ذكرنا في هاتين المسألتين، فلو قال لرجل: يا مخنث أو لامرأة: يا قحبة، وفسره بما ليس بقذف مثل أن يريد بالمخنث أن فيه طباع التأنيث والتشبه بالنساء، وبالقحبة أنها تستعد لذلك فلا حد عليه، وكذلك إذا قال: يا فاجرة يا خبيثة. انتهى.
وقريب من مذهب الحنابلة ذهب الشافعية، فقد جاء في إعانة الطالبين: والثاني: هو ما احتمل القذف واحتمل غيره كقوله زنأت بالهمز في الجبل أو نحوه فهو كناية؛ لأن ظاهره يقتضي الصعود، وكقوله لرجل يا فاجر يا فاسق يا خبيث، ولامرأة يا فاجرة يا خبيثة يا فاسقة وأنت تحبين الخلوة أو الظلمة أو لا تردين يد لامس، فإن نوى به القذف حد وإلا فلا، وإذا ادعي عليه بأنه أراده وأنكره صدق بيمينه في أنه ما أراده. انتهى.
والراجح هو ما ذهب إليه الحنابلة والشافعية، ولكن ليس معنى عدم وجوب الحد عليه إذا لم يقصد القذف أنه يترك هكذا، بل يؤدب ويعزر بما يراه السلطان رادعا له إذا كان قد قال ذلك دون موجب ولا سبب.
وبناء على ذلك، فلو كان هذا الرجل قد قال لزوجته هذه الكلمة دون سبب، فهذا حرام، بل هو من الفسوق لأن سباب المسلم فسوق.
أما إن كان قد قالها بسبب وموجب كأن تكون قد نشزت أو خالفت طاعته الواجبة فالظاهر أنه لا شيء عليه في قوله هذا، إذا لم يكن قد قصد به القذف بالفاحشة، قال سبحانه: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء: 148} جاء في تفسير الطبري: وقرأ ذلك آخرون بفتح الظاء:( إِلا مَنْ ظَلَمَ )، وتأولوه: لا يحب الله الجهرَ بالسوء من القول، إلا من ظلم فلا بأس أن يُجْهر له بالسوء من القول.
وأما قول الزوجة لزوجها (الله بيني وبينك) فلا شيء عليها في ذلك، خصوصا إذا كان هذا في موطن الرد على ظلمه أو عدوانه كما لو ردت عليه في قوله لها يا فاجرة.
والله أعلم.