عنوان الفتوى : الفرق بين الإخلاص والرياء وعاقبة كل منهما
ما أوجه الاختلاف بين الإخلاص و الرياء؟ وما نتيجة الإخلاص والرياء؟ جزاكم الله ألف خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفرق بين الإخلاص والرياء كالفرق بين النهار والليل، والنور والظلمة، فالاختلاف بينهما ظاهر، وهو يرجع للاختلاف في مقاصد العمل ودوافعه.
فالإخلاص هو تجريد القصد من وراء العمل لإرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة، فإن خالط هذا القصد شيء من شوائب الدنيا كأن يعمل العمل ليراه الناس فيحمدوه أو يعظموه أو ينفعوه فهو الرياء، وهو نوع من الشرك الأصغر.
وعلى هذا الخلاف في أصل العمل إخلاصاً ورياءً، يكون اختلاف النتائج والآثار قبولاً ورداً، فالله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا وابتغي به وجهه.
وقد ضرب الله مثلا رائعا لبيان الفرق بين آثار الإخلاص والرياء وعاقبة كل منهما، فقال تعالى في مثل المرائي: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {البقرة: 264} قال السعدي: كذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا {لا يقدرون على شيء} من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته، فصرف الله قلوبهم عن الهداية . اهـ.
ثم ذكرت الآية بعدها مثل المخلص فقال تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. {البقرة: 265}.
وقد سبق لنا بيان حقيقة الإخلاص وبواعثه وثمراته، وحقيقة الرياء وآثاره وكيفية علاجه، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10396، 8523، 7515، 10992.
وكذلك سبق بيان خلاصة ما ذكره العلماء في أثر الرياء على العمل الصالح في الفتويين: 13997، 49482.
والله أعلم.