عنوان الفتوى : مسائل حول إثبات دخول شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم. فضيلة الشيخ: نحن أبناؤكم طلاب دارسون في مدينة ميسور(جمهورية الهند)، ولدينا إشكالية فيما يتعلق بتحديد أول يوم من شهر رمضان المبارك ويومي عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، والإشكالية تتمثل فيما يأتي: * يوجد في هذا البلد نسبة كبيرة من المسلمين وهناك مساجد وجمعيات وغيرها، والذي يحصل أن أول أيام شهر رمضان ويوم عيد الفطر ويوم عيد الأضحى يثبت بالتقويم في بداية كل عام كون حكومة الهند غير مسلمة فتطلب من المسلمين ومن غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى تحديد أيام أعيادهم لاعتمادها عطلة رسمية في التقويم، وعندما نناقش المسلمين في هذا البلد في ذلك يقولون إن لديهم لجنة لتحري رؤية الهلال ولكن الملاحظ خلال وجودنا لبضع سنوات في هذا البلد أنهم غالبا ما يعتمدون على التقويم مع العلم أنه في بعض السنوات كالسنة الماضية كان هناك فرق يومين بين الصيام هنا في مدينتنا وبين معظم الدول العربية كالسعودية وغيرها. *الجدير بالذكر أن الهند تتكون من عدة ولايات مستقلة، وغالبا ما يختلف تحديد أول يوم من رمضان ويومي عيد الفطر وعيد الأضحى من ولاية إلى أخرى، بل وصل الحد إلى أنه في العام الماضي حصل اختلاف في الصيام والفطر وتقديم الأضاحي بين بعض المدن في إطار الولاية الواحدة. *أيضا بالنسبة لعيد الأضحى المبارك عادة لايتوافق العيد هنا مع العيد في المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول العربية وحجتهم في ذلك أن لديهم مطلع غير مطلع السعودية. * وحيث إن المدينة " ميسور " التي نحن نسكنها يقطنها كثير من المسلمين ولديهم مساجد عامرة بالمصلين حتى أنهم يصلون التراويح في جماعات بالمساجد، إلا أننا نجد حرجا في تحديد أول أيام الصيام ويومي عيد الفطر و عيد الأضحى المباركين. * وبالمناسبة فإن الطلاب العرب في هذه المدينة قد اختلفوا على آراء: الأول: أن نصوم مع أهل هذه المدينة التي نحن فيها وأن نفطر معهم على أي حال. الثاني : أن نصوم مع أقرب بلد مسلم وهي باكستان ولكن فيها نفس الإشكالية المذكورة أعلاه. الثالث : أن نصوم مع المملكة العربية السعودية كونها متضمنة المدينة النبوية والبيت الحرام قبلة المسلمين. الرابع : أن يصوم كل واحد مع الدولة التي ينتمي إليها ، فالمصري يصوم مع مصر، واليمني يصوم مع اليمن ، والسعودي يصوم مع السعودية، وهكذا. لذا نرجو منكم أن تفيدونا ما هو الرأي الأسلم بحسب الشرع حتى نقتفيه ويزول الإشكال في مسألة تحديد أول أيام الصيام ويوم عيد الفطر، وهل نقدم أضاحينا مع المسلمين في هذا البلد أم مع المسلمين في السعودية وغيرها من الدول العربية، أفيدونا حفظكم الله ونفعنا الله بعلومكم. ( نحن في انتظار الرد) أبناؤكم طلاب عرب موفدون للدراسة مدينة ميسور الهند شعبان 1429 هـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإشكالات التي ذكرها الأخ السائل هي إشكالات يعاني منها كثير من المسلمين إن لم يكن أكثرهم في كل عام عند تحديد دخول رمضان والعيد والحج لاسيما من كان منهم يعيش في بلد غير إسلامي، ولو أن المسلمين عملوا بما جاءت به الشريعة في هذا الباب لزال كثير من تلك الإشكالات ولضاقت دائرة الخلاف، وذلك أن الشريعة علقت إثبات دخول الشهر على رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان ثلاثين يوما عند عدم رؤيته ولا يخلو الحال عندكم من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون المسلمون في تلك البلد يتحرون رؤية الهلال بالعين، وهنا لا يخلو الأمر من حالتين:
الأولى: أن تثبت رؤية الهلال بخبر العدل فيجب عليكم حينئذ الصوم ولا تلتفتوا بعد ثبوت رؤية الهلال عندكم إلى بلد آخر غير بلدكم.
الثانية: أن لا يرى الهلال عندكم سواء كان الجو صافيا أو غائما فتتمون عدة شعبان ثلاثين يوما ثم إذا رئي الهلال في دولة أخرى فالمرجح والمفتى به في موقعنا في هذه الحال أنكم تتمون شعبان ثلاثين ولا تصوموا على رؤية غير بلدكم ما دامت تختلف معها في المطلع.
الأمر الثاني: أن يكون المسلمون يعتمدون على الحساب الفلكي ولا يتحرون رؤية الهلال فهنا يلزمكم أنتم أن تتحروا الهلال فإن لم يمكنكم تحريه فلكم أن تصوموا على أقرب بلد لكم يتحرى الهلال، وانظر الفتوى رقم: 12470.
وأما الآراء التي ذكرها السائل:
فالرأي الأول وهو الصوم مع أهل مدينتكم على كل حال- فهذا بإطلاقه- ولو كانت لا تتحرى الهلال وتعتمد على الفلك مخالف لما جاءت به الشريعة وذكرناه سابقا من رؤية الهلال أو إتمام عدة شعبان.
وأما الرأي الثاني وهو الصوم على أقرب بلد وهي باكستان فهذا كما ذكرنا جائز فيما إذا لم توجد لجنة عندكم تتحرى الهلال ولم يمكنكم أنتم تحريه وكانت باكستان تتحرى الهلال، فإن اختل شرط من هذه الشروط الثلاث فلا تصوموا بناء على قولهم.
وأما الرأي الثالث وهو الصوم مع السعودية فهذا جائز إذاتعذر عندكم تحري الهلال ولم توجد لجنة تتحرى الهلال ولا بلد مجاور يتحراه فعندئذ صوموا مع السعودية أو غيرها ممن لا يعتمد على الحساب وثبت عنده رؤية الهلال مراعاة لقول من قال إذا رآه أهل بلد لزم الناس كلهم الصوم، والعمل بهذا خير من البلبلة التي تعيشونها.
وأما الرأي الأخير وهو أن يصوم كل واحد مع بلده الأصلي فهذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان وتزيد الأمر تعقيدا والمسلمين خلافا وفرقة، وراجع الفتوى رقم: 29107، والفتوى رقم: 6636.