عنوان الفتوى : أضواء على حديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى...
أرسلت إليكم سؤالا حول حديث أمرت أن أقاتل الناس برقم 2195753 والإشكال في
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الطحاوي في شرح معاني الآثار سبب ورود هذا الحديث، فقد روي بإسناده عن النعمان بن عمرو بن أوس, أخبره أن أباه أوسا رضي الله عنه قال: إنا لقعود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة, وهو يقص علينا, ويذكرنا إذ أتاه رجل فساره, فقال: اذهبوا فاقتلوه. فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما تشهد أن لا إله إلا الله ؟ فقال الرجل : نعم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فخلوا سبيله...ثم ذكر الحديث، والمراد بهذا الحديث قتال المشركين جميعا، ولا يلزم من هذا أن يطالب المسلمون بقتال المشركين جميعا في آن واحد، فقد لا يكون بالمسلمين طاقة بذلك، والشأن في هذا كالشأن في غيره من أمور التكليف في كونها منوطة بالقدرة.
قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ { التغابن: 16}. وقال سبحانه: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ {البقرة: 286}.
واعلم أن الإسلام ليس متشوفا إلى سفك الدماء، وإنما هو دين رحمة، جاء لتعبيد الناس لربهم، ولذا فمن أول ما يبدأ به قبل القتال دعوة الناس إلى الإسلام، وبذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قواده، فإذا دخل القوم في الدين أو هادنوا المسلمين أو عقدوا معهم صلحا، أو ارتضوا دفع الجزية كف المسلمون عن قتالهم ، وإذا عمل بعض الأعداء على الحيلولة بين الناس وبين سماع الحق قاتلهم المسلمون حتى يتركوا المسلمين يبلغون الخير إلى الناس، فليس القتال هدفا في حد ذاته، وإنما هو وسيلة، وليس استخدامه في قتال الناس جميعا، وإنما له استثناءاته وقيوده وضوابطه، ولا يلزم من القتال القتل، فإذا وجد ما يقتضي الكف عن القتال مما ذكرنا سابقا من أمور كالهدنة والصلح ونحو ذلك يقر الكافر على دينه ولا يقتل لكونه كافرا، ولا يجبر على الدخول في الإسلام، إذ لا إكراه في الدين، ولمزيد الفائدة نرجو أن تراجع الفتويين التاليتين: 76362 ، 44962.
والله أعلم.