عنوان الفتوى : حكم وصف الشيوخ بالعارف بالله أو العالم بالله
يتداول الكثير لفظ العارف بالله أو العالم بالله على بعض الشيوخ فهل لهذه التسمية ذكر في سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث عارضت صديقا وقلت له إنها بدعة من بدع الصوفية فاتهمني بأني وهابي من أتباع ابن تيمية ويا لها من تهمة تشرف ولكن نظرا لقلة علمي بحقيقة معنى اللفظ لم أجادله كثيرا، فنرجو منكم تعريف هذه المصطلحات حتى أقوي حججي معهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من استخدام هذه الألقاب في معانيها الصحيحة على من يستحقون أن يوصفوا بها لصلاح دينهم وحصول معرفتهم بالله وشرعه.
ففي شعب الإيمان عن سفيان بن عيينة قال بعض الفقهاء : كان يقال العلماء ثلاثة : عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله وبأمر الله؛ فأما العالم بالله فهو الذي يخاف الله ولا يعلم السنة، وأما العالم بأمر الله فهو الذي يعلم السنة ولا يخاف الله، و أما العالم بالله و بأمر الله فهو الذي يعلم السنة ويخاف الله فذلك الذي يدعى عظيماً في ملكوت السموات.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: للمؤمنين العارفين بالله المحبين له من مقامات القرب ومنازل اليقين ما لا تكاد تحيط به العبارة ولا يعرفه حق المعرفة الا من أدركه وناله.
وعليه؛ فتعريف العارف بالله: هو العالم به المحب له العامل بشريعته المتبع لسنة نبيه..
واستخدام هذه الألفاظ واستغلالها من قبل غلاة الصوفية وبعض الفرق في وصف مشايخهم لا يلزم منه أنها من بدعهم وضلالاتهم ؛ فهم يستغلون الألفاظ الشرعية ويستعملون عبارات أهل العلم.. لترويج ما هم عليه، وقد وردت هذه العبارات في كتب كثير من أهل العلم والسنة وخاصة المتأخرين منهم كشيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى، وابن القيم في مدارج السالكين...
قال الغزالي: .. قلب العارف بالله تعالى الموقن به خير من ألف قلب من العوام، وقد قال تعالى: وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين؛ تفضيلا للمؤمنين على المسلمين. والمراد به المؤمن العارف دون المقلد، وقال عز وجل: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات، فأراد ههنا بالذين آمنوا: الذين صدقوا من غير علم وميزهم عن الذين أوتوا العلم..
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: والعبد العارف بالله تتحد إرادته بارادة الله بحيث لا يريد إلا ما يريده الله أمرا به ورضا، ولا يحب الا ما يحبه الله، ولا يبغض إلا ما يبغضه الله، ولا يلتفت إلى عذل العاذلين ولوم اللائمين كما قال سبحانه وتعالى: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم.. والكلام في مقامات العارفين طويل.
وقال ابن القيم: .. ذنب العارف بالله وبأمره قد يترتب عليه حسنات أكبر منه وأكثر وأعظم نفعا وأحب إلى الله من عصمته من ذلك الذنب: من ذل وانكسار وخشية وإنابة وندم وتدارك بمراغمة العدو بحسنة أو حسنات أعظم منه حتى يقول الشيطان: يا ليتني لم أوقعه فيما أوقعته فيه .
وعلى هذا فهذه الألقاب لا حرج فيها ؛ فقد ذكرها أهل العلم من المتصوفة ومن غيرهم..
وننصح السائل الكريم بترك الجدال والمراء في الدين قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في الرسالة ممزوجا بالشرح: وَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ تَرْكُ الْمِرَاءِ والجدال فِي الدِّينِ .
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. رواه أبوداود وغيره وحسنه الألباني.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتويين : 38186، 4378 .
والله أعلم.