أرشيف المقالات

هنا المعتكف - ملفات متنوعة

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
تمر أيام على شوقٍ، وسنحزم تلك الحقيبة، وبعض أثوابٍ وأشياء، وبعض دنيا دون الغرض، وسوف ننطلق، ونحط رحالنا بذات المسجدِ، ونفس المكان الأسعدِ.
قلبٌ تعلَّق منذ عامين وحلم تألَّق بين أمرين رجاء القبول، وخوف ردٍّ، سئمنا عالَمًا خلف باب المعتكَف: معركةٌ دائرة، صراع على مالٍ أو بعضِ جاه، وقيلٍ وقال، ومجريات ومُزرِيات، وشهوات تنادي كالأعادي، معركة تدور بالدنيا، المقتحمُ فيها مفقود، أو مهزوم، نفضنا اليوم منها اليد، وجئنا يا إلهنا إليك، لننفض أيضًا منها القلوب ، ونغسل هذي الصدور بدمع عين، وجِلاء استغفار، وذكرٍ وآي، وترغيب وترهيب، ولنروي ظمأ الفؤاد.
لا يهمُّ الآن نوع طعامي وشرابي المفضَّلُ في الصباح، وطقوس المساء، ولا جلسةُ في شُرْفَةٍ أهواها، أو صحبةٌ مألوفة، وزيارة محبوبة، ولا منتدى نِقاش العِشاء أو فُسحة في ضوء القمر والليل جَن، ولا نومة هنية على فراشٍ وثير، كل هذا لا يهم..
ليس همٌّ غير قلبِ يعتكف، لا يرى إلا ما جناه واقترف، همَّه استغفارٌ ومحوُ سجلِّ عار، يضج بالخطايا والبلايا، معترف بها، نعم، شاكٍ أَلحَّ كطفل بَكَّاءٍ لا يَمَلُّ، مِلْحاح لا يكف، حتى يُفعَلُ له ما يريد، أو يُعِيد! كانت لنا هنَّات مضت، ونكتات سُود كالحات، كادت تغطي قلبي بالران، تؤرِّقه وتُفسد عليه الحياة، فلما حارتْ خطاه، وأفلستْ في المتاب الحِيلُ، حملتُ حقيبتي الصغيرة وبعض أغراضِي اليسيرة، حين أثارت فيَّ الشجون لافتةٌ صغيرة وجدتُها بين أوراقي القديمة كتبناها مرة منذ أعوام -حين كنا ننظمُ جدولًا للعشر الأواخر- مكتوبةً بلون أبيض كالنور (هنا المُعْتَكَف)، فيا ربِّ جُدْ.

 

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢