عنوان الفتوى : تحرَّش بها أخوها جنسيّاً ! وأهلها يريدونها قبول اعتذاره ، فماذا تفعل ؟
أنا فتاة عمري 20 ، مرة من المرات وثبت من نومي ووجدت أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات يتلمس جسدي ! ولما رأيته طردته ، وأخذت أبكي وأرتجف لمدة ساعة ، ثم نمت ، واستيقظت الظهر ، وبلَّغت أختي ، وأختي بلغت والدي ، وكان عقاب أبي لأخي أن ترك له الدور الثالث ، وكان يطلع ويروح كل مكان ، وعنده الكمبيوتر ، والتلفزيون ، والتلفون ، لا أعتقد أن هذا العقاب سيردعه ، وأمي تقول : أنا مالي شغل فيه ، هذا أبوه وهو يربيه ، وكان قراري الذي أتعب أمي وأبي وأهلي أني لا أكلمه ، ولا أجلس معه ، ولا أركب معه في السيارة ولا حتى أنظر في وجهه ، والنتيجة : أبي وأمي قالوا لي : " أخوكِ راح يعتذر منك ، وأنت لازم تسامحينه " . أنا في صراع مع نفسي ، هل أوافق وأقبل اعتذاره ؟ علماً أنه إلى الآن لم يتب ، ولا يصلي ، ويسمع الأغاني ، والله أعلم بما أخفى . أنا أستحي أشوف أبي ، وأمي ، وأخواتي ، وعلى طول أنا في داري وأبكي . أرشدني يا شيخي ماذا أعمل ؟ .
الحمد لله
إن أشد ما يؤلم النفس ويقض مضجعها : أن يأتي الشرُّ والبلاء ممن يؤمن جانبه ، وأن
يَفتح باب المنكر مَن كان مكلفاً بإغلاقه ، ويتحول الحامي - والمفترض أن يكون
أميناً - إلى خائن آثم ، والسبب في هذا كله : هو انتكاس الفطرة ، والابتعاد عن
الالتزام بشريعة الرب سبحانه وتعالى .
فمما لا يخفى على كل عاقل أن الأخ مطالب بحماية أخته ، والذود عنها ، وحماية عرضها
وشرفها ، وربما يكون ذلك سبباً لفقدان حياته في الدفاع عن عرض أخته وشرفها ، فكيف
يُتصور أو يُعقل أن يكون ذئباً يهتك عرضها ؟ ! .
إن ما ذكرتيه أمر خطير ، والواجب عليك الحذر من أخيك ، ومن وقوعه فيما هو أشد مما
فعل .
والذي ننصح أهلك – أولاً - بفعله :
1. أن يبيِّنوا شناعة جرمه ، وأنه من المفترض أن يكون حامياً لعرضه ، مدافعاً عنه ،
لا هاتكاً له ، وأن عقوبة هذا الفعل – لو أنه لا قدَّر الله وقع - : القتل على كل
حال .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
"ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الرجل إذا زنى بمحارمه : وجب قتله بكل حال ، يعني
لو زنى الإنسان - والعياذ بالله - بأخته : وجب أن يقتل بكل حال ، وإن زنى بابنته :
فكذلك ، وإن زنى بزوجة أبيه : وجب قتله ، ولو لم يتزوج ، يعني : ولو كان بكراً ؛
لأن هذا أعظم من الزنى بغير ذوات المحارم" انتهى .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 7 / 296 ) .
وقال ابن قيم الجوزية رحمه الله في التعليق على عقوبة قتل من وقع على ذات محرَم - :
"وهذا الحكم على وِفق حكم الشارع ؛ فإن المحرَّمات كلما تغلظت : تغلظت عقوباتها ،
ووطء من لا يباح بحال : أعظم جُرماً مِن وطء مَن يباح في بعض الأحوال ، فيكون حدُّه
أغلظ" انتهى .
" زاد المعاد " ( 5 / 36 ) .
2. وعلى أهلك – وبخاصة والدك – مسئولية عظيمة تجاه ترك أخيك للصلاة ، فترك الصلاة
كفر أكبر ، وكيف يقبل أهل يلتزمون الإسلام بوجود ابن لهم يجمع بين الكفر وارتكاب
المنكرات في أعراضهم ثم يكون موقف الأم إلقاء التبعة على الأب ، ويكون موقف الأب
الاكتفاء بالاعتذار ؟! فالواجب عليهما أن يأخذا الأمر بجدية أكبر ، وأن يعلما أن
الأمر ليس بالهزل ، وهم لو رأوا ابنهم يحترق رأس أصبعه بالنار لفدوه بأنفسهم ! فما
بالهم يرضون له نار جهنم خالداً فيها أبداً إن مات على حاله هذا ؟! .
3. الحرص على تزويجه ، وتعجيل ذلك ما أمكن ، وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم
للشباب ، وبالزواج يحفظ المسلم بصره ، ويحفظ فرجه .
4. اختيار صحبة صالحة له ، تدله على الخير وتعينه عليه ، وتحذره من الشر وتمنعه منه
.
5. تشجيعه على الإكثار من الصوم ؛ وإبعاده عن كل ما يثير الشهوة ، كمشاهدة الأفلام
، والنظر في المجلات التي تحتوي صور نساء فاتنات .
وأما أنتِ فننصحك بما يلي :
1. احرصي على ألا تجتمعي به منفردة في مكان واحد ، إلا أن يتوب توبة نصوحاً ، فيندم
، ويعزم على عدم العود لفعله .
2. عدم التهاون في لباسك أمامه ، وردعه بقوة إن نظر إليك نظر ريبة ، وعدم السماح له
بذِكر ألفاظ تزيل الحواجز بينك وبينه ، وعدم السماح له بالممازحة المريبة .
3. احرصي على التزوج ؛ لتعجلي من خروجك من البيت الذي هو فيه .
4. أكثري من الدعاء والالتجاء إلى الله أن يصرف عنك كل شر .
5. ليست المسألة مسألة اعتذار ، فلا تقبلي منه هذا حتى لو كان هذا طلب والديك ، بل
الواجب عليه التوبة ، والندم ، وأن يظهر ذلك عليه في سلوكه ، فإن حصل منه هذا :
فيقبل اعتذاره ، وإلا فلا .
ونحن نشعر بالألم الذي أصابك ، فاستعيني بالله تعالى على تجاوزه ، وليكن درساً لك
ولغيرك بضرورة الالتزام بالشرع في اللباس ، والنوم ، واليقظة ، وفي كل حياة المسلم
، ولا تعيشي مع هذا الألم فتتركي الطاعة ، وتضيعي وقتك بالبكاء ، بل جدِّي واجتهدي
في العبادة ، وطلب العلم ، وحفظ القرآن ، وعسى الله أن ييسر لك زوجاً صالحا عمَّا
قريب.
وانظري أجوبة الأسئلة : (
10362 ) و (
13809 ) و (
27152 ) .
والله أعلم