عنوان الفتوى : كفارة عتق الرقبة... حكمها... وكيفيتها
ما معنى ما ملكت أيمانكم؟ أرجو إيضاح كفارة عتق الرقبة... وعلى من تكون؟ وكيف ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم معنى قوله تعالى: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) في الجواب رقم: 8720.
وأما الكفارة بالعتق، فتجب وجوب ترتيب في الظهار، وقتل الخطأ اتفاقاً، وفي الصوم على الراجح.
أما كفارة اليمين فهي على التخيير بين الإطعام والعتق، ولا يجزئ الصوم إلا في حال العجز عنهما، ودليل وجوب الترتيب في الظهار قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) [المجادلة: 3-4].
ودليل وجوبه في قتل الخطأ قوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ... إلى قوله تعالى: ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:92].
ودليل رجحانه في الصوم ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة قال: "بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت! قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: "هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟. قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً. قال: لا. قال: فبينما نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: أين السائل؟ فقال: أنا، فقال: خذه فتصدق به".
والأكثر من كلام أهل العلم يقتضي أن الرقبة لا تجزئ في كفارة ما إلا إذا تحققت فيها صفات الإسلام والسلامة، قال في المنتقى شرح موطأ مالك: فأما الإٍسلام فإنه لا يجزئ في كفارة إلا رقبة مؤمنة، والدليل على ما نقوله أن هذه رقبة مخرجة على وجه الكفارة، فاعتبر فيها الإيمان ككفارة القتل.
وفي فتح الباري عند قول البخاري في باب قول الله (أو تحرير رقبة) وأي الرقاب أفضل؟ يقول ابن حجر: يشير إلى أن الرقبة في آية كفارة اليمين مطلقة بخلاف كفارة آية القتل، فإنها قيدت بالإيمان، قال ابن بطال حمل الجمهور، ومنهم الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق المطلق على المقيد، كما حملوا المطلق في قوله تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتم) على المقيد في قوله: (وأشهدوا ذوي عدل منكم).
والله أعلم.