عنوان الفتوى : أكثر ما يحزن الشيطان رؤية المؤمن ساجدا لله
كنت تاركا للصلاة، وذات يوم رأيت في المنام أني قد مت وجيء بي للحساب ولم يجدوا عندي من الخير إلا ثلاثة أمور وكل أعمالي سيئات، فقمت من الليل فزعا وقمت أصلي ركعتين فلم أستطع من الخوف، ومن يومها وأنا أحافظ على الصلاة محافظة شديدة ولكن حصل عندي مشكلتان: 1- الخوف والقلق النفسي فعندما يدخل الليل أخاف خوفا شديدا، وتدخل علي الوساوس أني لو رجعت على حالتي السابقة من ترك الصلاة لكان أفضل، فأنا لا أرتاح نفسيا بعدما صرت أصلي فلا أدري هذا من الشيطان أم من ماذا؟ 2- أخاف من القبر خوفا شديدا، لا من هوله وعذابه كما يخاف المؤمنون ولكن من أن يخرج علي الأموات وما شابه ذلك، فلا أستطيع زيارة المقبرة خوفا. أفيدوني ماذا أفعل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
ما يحدث لك من قلق نفسي ليس سببه الصلاة بل الصلاة قرة عين المؤمنين ومن أعظم سبل السكينة والهدوء ، وما يحدث لك هو من وساوس الشيطان ولا شك في ذلك، ليقطع عليك طريق الرجوع إلى الله ، فإن من أكثر ما يحزن الشيطان رؤية المؤمن وهو يسجد لله، بل إن سجدة واحدة يسجدها المؤمن في سجود التلاوة كفيلة بألمه النفسي وعذابه وهو ما يحاول أن ينقله لك بوساوسه حتى تترك ما يرضي ربك ويغيظ شيطانك، ففي الحديث الصحيح قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلِي أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَعَصَيْتُ فَلِي النَّارُ. رواه مسلم .
ولا يخطر ببالك أبدا ترك الصلاة، فهي ركن من أركان الإسلام، وتارك الصلاة مشكوك في إيمانه، مختلف في صحة إسلامه، والمرجح عندنا أنه إن تركها بالكلية كان كافرا كما في الفتوى رقم: 17277.
فكيف تضع نفسك في مثل هذا الوضع المزري بسبب وسوسة شيطان لعين ؟!
وأكثر من ذكر الله ولا سيما أذكار الصباح والمساء، فإن الشيطان يبتعد عن العبد إذا ذكر الله تعالى.
وأما عن خوفك من خروج الأموات عليك من القبور إذا زرتها، فهذا أمر كسابقه من وساوس وتهويل الشياطين، ولم نسمع عن أموات خرجوا من قبورهم وأمسكوا بزائرهم، فهل سمعت أنت عن ذلك؟! فلماذا تسترسل مع هذه الهواجس التي تضرك وتصرف عنك أخذ العبرة من القبور ؟!
فإن زيارة القبور إنما شرعت لأخذ العبرة وتذكر الآخرة كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني.
وروى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْت .
ولا تزر القبور بمفردك بل اصحب معك بعض الصالحين أو بعض أحبابك عند الزيارة، حتى تستأنس بهم وتندفع عنك الوساوس.
واعلم أنك في بداية طريق هداية فالزمه ولا يصدنك عنه الشيطان ولا تلتفت لمثل هذه الوساوس والترهات وعالجها كما ذكرنا لك بالاستقامة والدعاء والاستعاذة من الشيطان، وترك الوحدة والفراغ ما أمكن ، فاحرص على رفقة صالحة تعبد الله معها وتصحبها في طريقك إلى الله، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة ، وصححه الألباني.
ونسأل الله لنا ولك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والله الموفق.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2082، 5148، 22162.
والله أعلم.