عنوان الفتوى : التلفيق بين مذهبين في النكاح وهل يصح عن المالكية
إن لي زوجة وأحب امرأة وأريد نكاحها بل أعرف بأن أباها لن يرضى عني وأنا خائف من الزنا لأخلو معها مرات . فتزوجت منها بتوليتها نفسها على مذهب الحنفية وبعدم الشهادة على مذهب أبي ثور وأبي بكر الأصم وابن أبي ليلى . وهذاالتلفيق بالتقليد الصحيح لمذهب المالكية يقولون بجواز التلفيق بين مذهبين فما الحكم في هذاالموضوع ؟
خلاصة الفتوى:
الشهود شرط لصحة النكاح، وما نسبته للمالكية من جواز التلفيق غير صحيح.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمحفوظ من كلام أهل العلم هو أن الإشهاد شرط لصحة عقد النكاح عند غير المالكية الذين يعدونه شرطاً لصحة الدخول بالمرأة والبناء عليها. والخلاف بين الجمهور والمالكية ليس في اشتراط الشهادة بل في وقت وجودها.
وقال فقهاء الشيعة عدا واحدا منهم هو ابن عقيل بعدم اشتراط الإشهاد على عقد الزواج، وأنه مستحب فقط؛ وذلك لأنهم لم يثبت لديهم حديث من السنة بوجوب الإشهاد على الزواج، وإنما وردت عندهم أحاديث عن أئمة أهل البيت بعدم اشتراط الإشهاد. ووافق الشيعة بعض فقهاء السنة كابن أبي ليلى وأبي ثور وأبي بكر الأصم. ويمكنك أن تراجع في هذا كتاب: الفقه الإسلامي وأدلته للدكتور وهبة الزحيلي.
ولو فرعنا على صحة هذا القول –وهو غير صحيح- فإن ما فرعتَه أنت عليه من أن المالكية يقولون بصحة التلفيق غير صحيح أيضا.
فقد جاء في فتح العلي المالك للشيخ عليش وهو مالكي ما يلي: وأما تتبع أخف المذاهب وأوفقها لطبع الصائر إليها والذاهب فمما لا يجوز فضلا عن كونه محبوبا مطلوبا قاله الرياشي وغيره، وقال أبو عمر بن عبد البر في كتابه بيان العلم: عن سليمان التيمي أنه قال لخالد بن الحارث إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله، قال أبو عمر هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا. ونقل ابن حزم أيضا الإجماع على أن تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي فسق لا يحل. وعن أبي محمد بن أبي زيد من أخذ بقول بعض الأمصار لم أجرحه إلا أن يكون شاذا ما لم يأخذ بكل ما وافقه من كل قائل، وعلل ما ذكره ابن حزم وأبو عمر من الإجماع على منع تتبع رخص المذاهب بأنه مؤد إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها. وقال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى إذا صار المكلف في كل نازلة عنت له يتتبع رخص المذاهب وكل قول وافق فيها هواه فقد خلع ربقة التقوى وتمادى في متابعة الهوى ونقض ما أبرمه الشرع وأخر ما قدمه... اهـ.
ويقول محمذن فال بن متال وهو مالكي:
ومن شروط الرعي للخلاف * أن لا يؤدي إلى خلاف
إجماعهم كناكح بــلا ولي * بدانق للشاهدين مهمل
قلد في نفي الولي التابعي * وفي الشهود مالكا والشافعي
بدانق فإن هذ الصوره * قال الرياشي لم تكن مذكوره
وفي رواية عنه في البيت الأخير:
..... فإن هذ الصوره * أجمع كل أنها محظوره
وعليه، فما فعلته من التلفيق في النكاح المذكور غير صحيح، ويجب عليك تركه والتوبة إلى الله منه.
وما ذكرته من الخوف من الزنا والخلوة بتلك المرأة لا يبيح لك الوقوع في هذا الأمر المحرم؛ لأن من واجبك أصلا أن لا تخلو بها، بل وأن لا تتعلق بها طالما أنك يائس من أن أباها سيقبلك زوجا لها. وخصوصا أنك متزوج، ويجب أن تستعف بزوجتك أو تبحث عما تستعف به من الحلال إذا لم تعفك زوجتك.
والله أعلم.