عنوان الفتوى : ثواب الطاعات في المسجد الحرام
سمعت من أحد الشيوخ في التلفاز أن التسبيح في مكة والتهليل والصدقة وكذلك الآثام وجميع الأشياء بمئة ألف مرة مثلها مثل الصلاة في الكعبة، فما صحة هذا؟
خلاصة الفتوى:
فقد ثبت أن الصلاة في المسجد الحرام تضاعف بمائة ألف صلاة، وهذا شامل للفريضة والنافلة عند بعض أهل العلم، وخصه بعضهم بالفريضة وما سوى ذلك من الطاعات فيعظم ثوابها في الحرم، ولم نقف على ما يدل على مضاعفتها بمائة ألف، كما أن المعصية في الحرم إثمها أعظم، ولم نقف على مضاعفتها بمائة ألف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطاعة التي ثبت بالنص أنها تضاعف بمائة ألف هي الصلاة في المسجد الحرام، فبعض أهل العلم قال إن ذلك شامل للفرض والنفل وأبقى لفظ الحديث على ظاهره، وبعضهم قال إن ذلك خاص بالفريضة. قال المناوي في فيض القدير: صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مئة ألف صلاة فيما سواه. ظاهره أنه لا فرق في التضعيف بين الفرض والنفل وبه قال أصحابنا، قال النووي: وتخصيص الطحاوي وغيره بالفرض خلاف إطلاق الأخبار. قال العراقي: فيكون النفل بالمسجد مضاعفاً بما ذكر، ويكون فعله في البيت أفضل لعموم خبر: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. انتهى.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وقد تقدم النقل عن الطحاوي وغيره أن ذلك مختص بالفرائض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. ويمكن أن يقال لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما وكذا في المسجدين وإن كانت في البيوت أفضل مطلقاً. انتهى.
أما كون التسبيح والتهليل والصدقة وغيرها من الطاعات يضاعف ثوابها مائة ألف، أو كون إثم المعصية يضاعف أيضاً كذلك فلم نقف على ما يدل على ثبوته، وإن كانت الطاعة يضاعف ثوابها في مكة كما يعظم فيها إثم المعصية أيضاً. قال الإمام النووي في المجموع: اختلف العلماء في المجاورة بمكة والمدينة، فقال أبو حنيفة وطائفة: تكره المجاورة بمكة، وقال أحمد وآخرون: تستحب، وسبب الكراهة -عند من كره- خوف ملابسة الذنوب، فإن الذنب فيها أقبح منه في غيرها، كما أن الحسنة فيها أعظم منها في غيرها، ودليل من استحبها أنه يتيسر فيها من الطاعات ما لا يحصل في غيرها من الطواف وتضعيف الصلوات والحسنات وغير ذلك، والمختار أن المجاورة مستحبة بمكة والمدينة إلا أن يغلب على ظنه الوقوع في الأمور المذمومة أو بعضها، وقد جاور بهما خلائق لا يحصون من سلف الأمة وخلفها ممن يقتدى به. انتهى بتصرف يسير.
والله أعلم.